إلى كل الصيادلة الغلابة............. رخصة أم مهنة

رخصة أم مهنة
بقلم : د.محمود رياض
لو أن هناك شخصا استطاع أن يحصل على رخصة لقيادة السيارة، إلا أنه في الحقيقة لم يتعلم قيادة السيارات فماذا نتوقع أن يفعله هذا الشخص.

إننا نتوقع أنه سيضر نفسه ويضر الآخرين.

وعلى العكس من ذلك فلربما وجدت حالات قليلة أو كثيرة قادرة على قيادة السيارات إلا أنها لسبب أو لآخر فإن بعضهم غير قادر على الحصول على الرخصة وعلى هؤلاء أن يحاولوا مرة بعد أخرى أن يحصلوا على الرخصة إما بالرشوة أو بالقانون أو يكونوا على استعداد للعقوبة اذا ماوقعوا تحت طائلة القانون.

ومما سبق يتضح لنا أننا أمام حالتين قد لانجدهما في كل دول العالم إلا في مصر الحبيبة، فهناك صيادلة غير قادرين على ممارسة المهنة بشكل صحيح بسبب الروتين وغياب الدافع المادة أو الأدبي.

وهناك من تسلل إلى المهنة ويمارسها على أرض الواقع على الرغم من أنه لم يدرس الصيدله أبدا.

وعلى العكس مما يحدث في كل دول العالم فإن الصيدلي صاحب مهنة معروفة المهام والمعالم وله شهادات واختبارا ت معروفه.

في دول الخليج يجب على كل صيدلية أن يتواجد بها صيدلي طوال فترة الدوام فإن سافر الصيدلي أو حتى أراد الذهاب للصلاة أو لقضاء حاجته وجب عليه إغلاق الصيدلية، وفي دول العالم المتقدمة مثل كندا وامريكا بجلالة قدرها يقولون أن بها عجزا كبيرا في الصيادلة ويرحبون كثيرا جدا بهجرة الصيادلة.

فما هو الواقع في مصر

كم عدد الصيادلة؟ مائة ألف أو يزيدون

كم عدد العاملين بالحكومة؟

كم عدد المسافرين خارج الدولة؟

كم عدد الذكور وكم عدد الاناث؟

كم عدد من يعملون بالتصنيع ؟

ومن يعملون بالدعاية؟

من يعملون بالتحاليل؟

من يعملون بالجامعة والأبحاث؟

من يمتلكمون صيدليات ومن لا يمتلكون ؟

من يملكون واحدة؟

و من يملكون اثنتين؟

أو من يملكون سلسله؟

لماذا يختلف واقع الصيدلة فة مصر عن كل دول العالم ؟

هل لأننا بناة الأهرام العباقرة أصحاب حضارة 7000عام؟

ام لاننا احباب الله ولن يعاقبنا ربنا على اى خطيئه او جريمه مهما كانت ؟

أم لأننا نعيش حالة من التخلف الحضاري في الوقت الراهن؟

أم لأن هذا هو الوضع الصحيح المناسب لنا؟

هل نحن بحاجة إلى صيادلة أصلا؟

وإذا كنا بحاجة إليهم، فكم يحتاج سكان مصر البالغ عددهم75مليون؟

كم صيدلي مطلوب لكل ألف من السكان؟

هل العمل الصيدلي يحتاج إلى خريج كلية الصيدلة أم أن خريجي كلية الطب البشري أو البيطري أو آداب إنجليزي أو حتى دبلوم تجارة أو زراعة ممكن أن يقوموا بهذه المهمة؟

لماذا تنفق الدوله الملايين على طالب كلية الصيدله لمدة خمس سنوات؟

ألا يكفي أن يكون لدينا معهدا لمدة عامين لنتقن مهنة الصيدله؟

واقع ممارسة الصيدلة في مصر يصرخ ليقول أن الكل متفق على أنها رخصة وليست مهنة ؟

لقد اتفق الصيادلة ونقابتهم والحكومة والمنتفعين من هذا الوضع اتفاقا غير معلن وغير مكتوب على أن تكون الصيدلة

رخصة وليست مهنة

بعض مظاهر هذه الحقيقة

أولا: العاملون بالحكومة سواء في التفتيش أو المستشفيات معظم العمل يدور حول أمور إدارية ومالية وقانونية.

ثانيا: بعض الشباب المقتدرين الراغبين في الزواج يبحثون عن صيدلانية.

ولماذا صيدلانيه بالذات؟

لأنه يمكنه أن يفتح باسمها صيدليتن ويوظف شخصين من حملة الدبلومات بـ200 أو حتى 300 جنيه

طب ليه ميفكرش يتزوج طبيبه خصوصا وأن الطب بيطلب مجموع أعلى من صيدلة

لا ياعم

الطبيبة بلاش

دا وجع دماغ مستشفى وعيادة وماجستير ودكتوراه

ومين هيربي العيال

أما الصيدلانية فهي الأفضل بلا منازع فهي دكتورة وهتجيب في فلوس وهي قاعدة في البيت.

ثالثا: عندما يسافر أحد الصيادلة يقوم برمي أوراق فتح صيدليةة علشان يحجز مكان أهو محدش عارف بكره فيه إيه.

رابعا: بعض الصيادلة المقتدرين والذين أعطاهم الله مالا وفيرا، وأمكنهم فتح صيدلية هل يغلقون الصيدلية في حالة عدم تواجدهم أم يتركونها مفتوحة بيد المساعدين.

إذ لابد من وجود صيدلي ليساعد الصيدلي الكبير في إداراة صيدليته، وحيث أن كل صيدلية بحاجة إلى 2 صيادلة للعمل لأن كل صيدلية بتفتح أكثر من 15 ساعة يوميا

فإذا أراد الصيدلي المقتدر فتح صيدلية، ثانية فسيحتاج إلى 2 صيادلة آخرين

وإذا أراد ثالثة فلابد من اثنين آخرين

فهل الصيادلة يفعلون ذلك؟

ولماذا لا يفعلون؟

ما هي العوائق التي تجعلهم يكرهون الجلوس في صيدلاياتهم؟

هل لأنهم لا يحبون مهنتهم؟

هل لأن العمل سيسير بشكل طبيعي أثناء تغيبهم عن الصيدلية؟

هل لأنه لا يوجد فارق علمي كبير بينهم وبين المساعدين؟

أين الخلل بالضبط؟

خامسا: كم عدد الصيادلة الحاصلين على دراسات عليا بعد التخرج وماذا كانت أهدافهم وأغراضهم التي دفعتهم للحصول على الدراسات العليا؟

سادسا: الطلاب الذين لم يسعدهم الحظ بدخول كلية الصيدلة واضطروا إلى الكليات الخاصة يدفعون في المتوسط 150 إلى 250 ألف جنيه للحصول على لقب دكتور

فهل الأمر مجدي إقتصاديا لهم وللوطن؟

سابعا: الآن من الشائع والعادي جدا أن تعطى اسمك كصاحب فقط وتأخذ من 300 إلى 400 جنيه وتسجل مدير وتقعد في بيتك أو في القهوة وتأخذ من 500 إلى 800 جنيه

وبعض الصيادلة يجعلون هذا المرتب حلالا بلالا زلالا هنيئا مرئيا إذا كنت ستعطى إسمك لزميل صيدلي أوطالب بكلية الصيدلة

أما إذا كنت ستعطى إسمك لطبيب فأنت ندل لأنك جعلت الأطباء يأخذون المهنة

وهذا الفريق أيضا يرى أنك ستدخل النار مع قارون الطماع إذا بعت إسمك لواحد من السباكين أو البقالين مش عارف ليه

الجريمة واحده والعقوبة مختلفة

هذا إذا إتفقنا مع بعض في نهاية هذه المناقشة على أن هذه جريمة

والسؤال المطروح الآن

هل هناك مهن أخرى في مصر أو خارج مصر يحصل الخريج على ورقة أقصد شهادة ثم يقعد فة البيت ويجعل إسمه في خدمة من يشتريه

فمثلا خطيب المسجد أو ضابط الشرطة أو المدرس أو المحاسب أو الطبيب أو حتى الميكانيكي والبقال والكهربائي والسباك ينفع يطلعوا شهادة مثلنا ويبيعوها لآخرين

والسؤال الثانى : هل هذه الفلوس حلال أم أكل بالباطل؟

وبناء على الإجابة سنستطيع أن نحدد هل الصيدلة مهنة أم رخصة

في الختام لابد أن نعلم أن التصور يسبق التصرف فالذي يتصور أن هناك إلها وموتا وقيامة وحسابا وجنة ونارا تختلف تصرفاته عمن لا يؤمن بذلك؟

وكذلك فنحن لابد لنا كأفراد أولا ثم كنقابة ثم كشعب ثم كدولة أن نحدد بدقه تصورنا عن مهنة الصيدلة

هل هي رخصة أم مهنة؟

وبعد ذلك نناقش الهدف الذي نادت به نقابة الصيادلي مرارا وتكرارا

يجب على الجميع أولا أن يتفق على أن الصيدلة مهنة وليست رخصة

فإذا وضح المفهوم لدى الجميع يومها يمكن مناقشة

كيف نمارس المهنة

ما هي مشكلات المهنة

هل المشكلة في تطبيق القانون أم في تطوير التعليم أم الاثنين معا؟

هل هى مؤامرات خارجيه من صنع إسرائيل والاعداء الخبثاء

أم أن ما يحدث هو من عند أنفسنا وبما كسبت أيد ينا ويعفو ربنا عن كثير.

عايزين نحدد إيه الصح وإيه الخطأ

عايزين نعرف إيه الحق وإيه الباطل

مش كده ولا إيه؟

ختاما كانت هذه محاولة متواضعة منة في حدود خبراتي وما وصل إليه إدراكي من معلومات وإنني على يقين بأن لدى زملائي معلومات وملاحظات وأفكارا رائعة وحلولا عبقرية

وكل ما نحتاج إليه هو الإحساس بوجود مشكلة وتشخيصها بدقة

نحتاج إلى التفكير العميق والعصف الذهني والحرية في إبداء الرأي وإلتزام آداب الحوار وفكر فريق العمل والسعي نحو مصلحة المجتمع .

فإن كنت قد وفقت في عرض الفكره فإنني أرجو أن يتم دراستها وتطويرها فلابد وأنها تحتاج إلى من يكملها للوصول إلى أفضل الحلول

والسلام علكم ورحمة الله وبركاته

والآن أترككم مع هذه القصيده بعنوان

إنك صيدلى

إلى كل الصيادلة الغلابة ... أرى في حالكم عجبا عجابا

تمرمطنا وولى العز عنا ... سذاجتنا السبب أو قل خيابة

تدحرج حالنا يا ابني كثيرا ... وأصبح وضع مهنتنا هبابا

و يكفي لبهدلتنا أن لدينا ... حكومة بفقرنا مغرم صبابة

فغض الطرف أنك صيدلي ... فلا طبّا بلغت و لا آدابا

ولا تتفشخرن ولو ليوم ... فإني أراك أغلب م الغلابة

أرى السباك أفضل منك حالا ... و ما يشتهي يصبح مجابا

ولا يحميك أن تحمل شهادة ... فلن تفتح لك الشهادات بابا

فبياع ببالطو د أنت طبعا ... دا حتى البالطو قد فقد المهابة

يقف ف الأجزخانة كل شخص ... يجيد القراءة و الكتابة

و دعه شهرين بعدها هتلاقيه ... طبيبا مالي مركزه مهابا

فذو الدبلوم يؤخذ أما أنت ... فتخرج م الملاعب للإصابة

ولو تحلم بأن تأكل كبابا ... فسوف تسف من جوعك ترابا

ولو تحلم بأن تأخذ قروضا ... هتتجرجر يا سيدي إلى النيابة

فدنيانا أسنت لك سيوفا ... و أعملت الأسنة و الحرابا

فبادر و اشتر "توك توك" بسرعة ... تأهل و اغتني و افتح حسابا

فبعد تخرجك من أين تأتي ... مصاريفك ؟ فلن يعطيك بابا

و إني ناصح فعساه قولي ... يعيد لعقلك الفاضي الصوابا

فاخوف ما أخاف عليك صار ... خرابا و اضطرابا و اغترابا

للأمانة القصيدة منقولة من الشاعر الصيدلى د.محمد عبد الجواد كلية الصيدلة جامعة القاهرة رابعة حديث وقد ألقاها في حفل أسرة النور السنوي فاعجبتنى ونقلتها لكم

وأسال الله أن يصلح حال كل الصيادلة الغلابة.