Admin Admin
عدد المساهمات : 760 تاريخ التسجيل : 22/09/2010
| | يعرفونه كما يعرفون ابنائهم........ | |
يعرفونه كما يعرفون أبناءهميعرفونه كما يعرفون أبناءهمفالآيةالكريمة: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَيَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْلَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [ سورة البقرة الآية :146]،تدل على أن أهل الكتاب من اليهود والنصارى يعرفون محمداً - صلى الله عليه وسلم-كما يعرفون أبناءهم ، والقول بعودة الهاء في قوله تعالى : (يعرفونه) على النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - مرويعن ابن عباس - رضي الله عنه – [الإمام ابن الجوزي في تفسيره زاد المسير1/158]،وقال به مجاهد وقتادة وغيرهما [الإمام القرطبي في تفسيره 2/162]، وهذهالمعرفة لم تكن بسيطة ، بل كانت في أعلى مستويات المعرفة ، بدلالة هذه الآيةالكريمة .ويبين قوةهذه المعرفة جواب عبد الله بن سلام - رضي الله عنه- وكان عالم اليهود وسيدهم، أسلم بعد وصول النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ، وكان ممن بشر بالجنة -لسؤال عمر بن الخطاب رضي الله عنه – وهو من كبار أصحاب النبي صلى الله عليهوسلم ، وثاني الخلفاء الراشدين – ، حين سأله قائلا له : أتعرف محمدا-صلى الله عليه وسلم -كما تعرف ابنك ؟ قال : نعم ، وأكثر . بعث الله أمينه فيالسماء إلى أمينه في أرضه بنعته فعرفته ، وابني لا أدري ما كان من أمه .[ أوردالرواية عن عمر القرطبي في تفسيره 2/163 ] . فأهل الكتابيجدون ذكر نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - في كتبهم التوراة والإنجيل ، قال الله– تعالى- في القرآن الكريم : {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَالرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِيالتَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِالْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَوَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْفَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَالَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } [سورةالأعرافالآية: 157 ].وهذا الذكر، هل هو بالصفة فقط دون الاسم ، أو بالاسم والصفة ؟أمّا علىفرض أنه بالصفة دون الاسم فقد ذهب ابن القيم – رحمه الله - بوجاهة ذلك وحصولالحجية به ، فقال : إن الإخبار عن صفته ، ومخرجه ، أبلغ من ذكره بمجرد اسمه ، فإنالاشتراك قد يقع في الاسم فلا يحصل التعريف والتمييز .[ انظر هداية الحيارى فيأجوبة اليهود والنصارى للإمام ابن قيم الجوزية، تحقيق رضوان جامع رضوان ، ص 60 ] .ومن تأملقصة قيصر الروم هرقل ، وما جعله يعترف بنبوة محمد - صلى الله عليه وسلم – منمطابقة صفاته لما يعرفه من البشارات التي جاءت بوصفه في التوراة ، والإنجيل خاصة ،فإنه يعلم ما لذكر الصفة من أثر في التعرف عليه ، فحين وصلت رسالة النبي - صلىالله عليه وسلم - إلى هرقل يدعوه فيها إلى الإسلام ، جعل يبحث في مملكته عن منيأتيه بخبر وصفة هذا النبي الذي يدعوه للإسلام ، فظفر جنده بأبي سفيان بن حرب زعيمقريش وسيدها قبل أن يسلم ، وكان قد خرج في تجارة لقريش إلى الشام ، وذلك بعدصلح الحديبية ، فأدخل هو ومن معه على هرقل في قصره ، فأجلسهم بين يديه ،فقال :أيكمأقرب نسبا من هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي ؟ فقال أبو سفيان : أنا .فأجلسوه بينيديه ،وأجلسوا أصحابه خلفه ،ثم دعا بترجمانه فقال :قل لهم إني سائل هذا عن هذاالرجل الذي يزعم أنه نبي ،فإن كذبَني فكذِّبوه .قال أبو سفيان :وأيم الله ، لولاأن يؤثروا علي الكذب لكذبت، ثم قال لترجمانه : سله كيف حسبه فيكم ؟ قلت :هو فيناذو حسب .قال :فهل كان من آبائه ملك ؟ قلت : لا .قال :فهلكنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟ قلت : لا . قال : أيتبعه أشراف الناس أمضعفاؤهم ؟ قلت : بل ضعفاؤهم . قال : يزيدون أو ينقصون؟ قلت : لا ، بل يزيدون . قال: هل يرتد أحد منهم عن دينه بعد أن يدخل فيه سخطة له ؟ قلت : لا . قال : فهل قاتلتموه؟ قلت: نعم .قال :فكيف كان قتالكم إياه ؟ قلت : تكون الحرب بيننا وبينه سجالا يصيبمنا ونصيب منه .قال : فهل يغدر ؟قلت : لا ، ونحن منه في هذه المدة لا ندري ما هوصانع فيها ، ووالله ما أمكنني من كلمة أدخل فيها غير هذه .قال : فهل قال هذا القولأحد قبله ؟ قلت : لا . ثم قال لترجمانه : قل له إني سألتك عن حسبه ؟ فزعمت أنه ذوحسب ، وكذلك الرسل تبعث في أحساب قومها . وسألتك هل كان في آبائه ملك ؟ فزعمت أنلا ، فقلت لو كان من آبائه ملك قلت رجل يطلب ملك آبائه . وسألتك عن أتباعه منالناس أضعفاؤهم أم أشرافهم ؟فقلت بل ضعفاؤهم ، وهم أتباع الرسل . وسألتك هل كنتمتتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟ فزعمت أن لا ، فعرفت أنه لم يكن ليدع الكذبعلى الناس ثم يذهب فيكذب على الله . وسألتك هل يرتد أحد منهم عن دينه بعد أن يدخلفيه سخطة له ؟ فزعمت أن لا ، وكذلك الإيمان إذا خالط بشاشة القلوب . وسألتك هليزيدون أم ينقصون ؟ فزعمت أنهم يزيدون ، وكذلك الإيمان حتى يتم . وسألتك هلقاتلتموه ؟ فزعمت أنكم قاتلتموه ،فتكون الحرب بينكم وبينه سجالا ينال منكم وتنالونمنه ، وكذلك الرسل تبتلى ، ثم تكون لهم العاقبة . وسألتك هل يغدر ؟ فزعمت أنه لايغدر ، وكذلك الرسل لا تغدر . وسألتك هل قال أحد هذا القول قبله ؟ فزعمت أن لا ،فقلت لو كان قال هذا القول أحد قبله قلت رجل ائتم بقول قيل قبله . ثم قال : بميأمركم ؟ قلت: يأمرنا بالصلاة ،والزكاة ،والصلة ،والعفاف .قال :إن يك ما تقول فيهحقا ،فإنه نبي ، وقد كنت أعلم أنه خارج ! ولم أك أظنه منكم ! ولو أني أعلم أنيأخلص إليه لأحببت لقاءه ! ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه ! وليبلغن ملكه ما تحت قدمي!!ثم دعابكتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقرأه فإذا فيه : بسم اللهالرحمن الرحيممنمحمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم ، سلام على من اتبع الهدى. أما بعد :فإنيأدعوك بدعاية الإسلام ، أسلم تسلم ، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين ، فإن توليت فإنعليك إثم الأريسيين (يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكمأن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإنتولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ) .فلما فرغ منقراءة الكتاب ارتفعت الأصوات عنده ، وكثر اللغط ،وأمر بنا فأخرجنا.[رواه الإمامالبخاري ح/4278 ]، فهذا دليل بين بأنهم كانوا يعرفون وقت خروجه ومكانه وأوصافه ،لكن حب الدنيا وحب الملك وخوف القتل صدت هرقل عن قبول الحق ، والإيمان به ،فأعلن رفضه له ، ولم يقف موقف الثبات الذي وقفه الأسقف الأكبر في مملكته – معنىالأسقف : رئيس دين النصارى - والذي أقر هرقل بأنه صاحب أمرهم .فقد أرسلهرقل بالكتاب إلى الأسقف واسمه (ضغاطر)، فقال الأسقف: هذا الذي كنا ننتظر، وبشرنابه عيسى، أما أنا فمصدقه ومتبعه. فقال له قيصر: أما أنا إن فعلت ذلك ذهب ملكي. ثمقال الأسقف لرسول النبي صلى الله عليه وسلم دحية رضي الله عنه: خذ هذا الكتابواذهب إلى صاحبك فأقرئ عليه السلام ،وأخبره أني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدارسول الله، وأني قد آمنت به وصدقته، وأنهم قد أنكروا عليّ ذلك. ثم خرج إليهمفقتلوه. فلما رجع دحية إلى هرقل قال له: قد قلت لك إنا نخافهم على أنفسنا، فضغاطركان أعظم عندهم مني. [الإمام ابن حجر في فتح الباري شرح صحيح البخاري 1/42-43]،فدعا هرقل عظماء الروم ، فجمعهم في دار له فقال: يا معشر الروم، هل لكم في الفلاحوالرشد آخر الأبد ،وأن يثبت لكم ملككم ،فتبايعوا هذا النبي؟ فحاصوا حيصة حمرالوحش إلى الأبواب ، فوجدوها قد غلقت ، فقال :علي بهم .فدعا بهم فقال :إني إنمااختبرت شدتكم على دينكم ،فقد رأيت منكم الذي أحببت .فسجدوا له ورضوا عنه [رواهالإمام البخاري ح/4278 ].ومن هذاالحديث نقف على أمرين مهمين : أولا:أن بعث نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -بكتاب إلى قيصر دليل على عموم رسالتهلجميع الناس ، عربهم وعجمهم ، أبيضهم وأسودهم ، قال تعالى : { قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْجَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَيُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّالَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }[سورةالأعراف الآية: 158] ، وقال تعالى:{ تَبَارَكَالَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً}[ سورةالفرقان الآية: 1 ]، وحياته – صلى الله عليه وسلم – منذ بعثته ،وحتى وفاته شاهدة على عموم رسالته لجميع الناس ، فقد دعا اليهود في المدينةللإسلام ، وجاهدهم فأخرج بعضهم منها ، وقتل بعضهم ، وفي ذلك دليل على عموم رسالته، ثم إنه دعا النصارى ، فناظر نصارى نجران ، ودعاهم للمباهلة ، وخرج لقتال النصارىفي تبوك ، وبعث الكتب لكسرى ، وقيصر ، والمقوقس ، وغيرهم .إنه لم يفعلذلك كله إلا لأنه رسول لكل الشعوب على اختلاف ألسنتهم وألوانهم ، بل وللجن أيضا ،قال ابن تيمية – رحمه الله - مدللا على عموم رسالته صلى الله عليه وسلم ، وأنهمبعوث إلى جميع الناس أهل الكتاب ، وغير أهل الكتاب ، بل إلى الثقلين الإنس والجن: إنه كان يكفر اليهود والنصارى الذين لم يتبعوا ما أنزل الله عليه ، كما كان يكفرغيرهم ممن لم يؤمن بذلك ، وأنه جاهدهم وأمر بجهادهم .[ الجواب الصحيح لمن بدل دينالمسيح لشيخ الإسلام ابن تيمية 3/10 ] .أماالأمر الثاني :أن هرقل فقه مسألة مهمة ، وهي مسألة يتخذها المعاندون من أهل الكتاب ذريعة لصدالناس عن اتباع الحق ، وهي أن وصول كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إليه هوبلاغ لرسالته وإن كان بلغة العرب ، فلم يرده ، ولم يرفضه ، بل بادر بترجمته ، وفهممعانيه ، وتحري الحق بحواره مع أبي سفيان ، وعرضه على علماء النصارى في مملكته ،وكذلك كان موقف ضغاطر أكبر علماء بلاده ، فلم يرفض الدعوة بحجة أن النبي عربياللسان ، وهو للعرب خاصة دون غيرهم . وإن المتأملاليوم لكثرة المسلمين في شتى بقاع الأرض ، ومن كل اللغات ، ومن كل الأجناس ليعلمأن هذه الرسالة عامة لكل العالمين ، وأن من يقول بخصوصيتها لأهل اللسان العربيليعارض النصوص من الكتب السماوية الصريحة ، ويغمض عينيه عن ما يشهد به الواقعالبشري اليوم ومن قبل ، منذ بعثة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم حتى يومنا هذا .يقول ابنتيمية رحمه الله :أنزل عليه القرآن باللسان العربي ، كما أنزلت التوراة باللسانالعبري وحده ، وموسى -عليه السلام - لم يكن يتكلم إلا بالعبرية ، وكذلك المسيح -عليه السلام - لم يكن يتكلم بالتوراة والإنجيل وغيرهما إلا بالعبرية ، وكذلك سائرالكتب لا ينزلها الله إلا بلسان واحد ، بلسان الذي أنزلت عليه ولسان قومه الذينيخاطبهم أولا ، ثم بعد ذلك تبلغ الكتب وكلام الأنبياء لسائر الأمم : إما بأن يترجملمن لا يعرف لسان ذلك الكتاب ، كما حدث في قصة الكتاب لهرقل وغيره من الملوك ،وإما بأن يتعلم الناس لسان ذلك الكتاب فيعرفون معانيه ، وإما بأن يبين للمرسل إليهمعاني ما أرسل به الرسول إليه بلسانه ، وإن لم يعرف سائر ما أرسل به .فالحجة تقومعلى الخلق ويحصل لهم الهدى بمن ينقل عن الرسول تارة المعنى ، وتارة اللفظ ، ولهذايجوز نقل حديثه بالمعنى ، والقرآن يجوز ترجمة معانيه لمن لا يعرف العربية باتفاقالعلماء ، وأبناء فارس المسلمون لما اعتنوا بأمر الإسلام ، ترجموا مصاحف كثيرة ،فيكتبونها بالعربي ، ويكتبون الترجمة بالفارسية ، وكانوا قبل الإسلام أبعد عنالمسلمين من الروم والنصارى ، فإذا كان الفرس المجوس قد وصل إليهم معاني القرآنبالعربي وترجمته ، فكيف لا يصل إلى أهل الكتاب وهم أقرب إلى المسلمين منهم ؟!وعامة الأصول التي يذكرها القرآن عندهم شواهدها ، ونظائرها في التوراة والإنجيلوالزبور ، وغير ذلك من النبوات، بل كل من تدبر نبوات الأنبياء ، وتدبر القرآن ،جزم يقينا بأن محمدا – صلى الله عليه وسلم - رسول الله حقا ، وأن موسى – عليهالسلام - رسول الله صدقا ، لما يرى من تصادق الكتابين التوراة والقرآن ، مع العلمبأن موسى - عليه السلام - لم يأخذ عن محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وأن محمدا -صلى الله عليه وسلم -لم يأخذ عن موسى – عليه السلام - ، فإن محمدا - صلى الله عليهوسلم - باتفاق أهل المعرفة بحاله ،كان أُمّيِّاً ، قال تعالى : {وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُبِيَمِينِكَ إِذاً لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ }[ سورة العنكبوت الآية : 48]، ومن قوم أميين ،قال تعالى : {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِيالْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْوَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍمُّبِينٍ }[ سورة الجمعة الآية : 2 ]، ولم يكن عندهم من يحفظ التوراةوالإنجيل ولا الزبور ، وكان محمد -صلى الله عليه وسلم – مقيما بمكة لم يخرج من بينظهرانيهم ، ولم يسافر قط إلا سفرتين إلى الشام ، خرج مرة مع عمه أبي طالبقبل الاحتلام ، ولم يكن يفارقه ، ومرة أخرى مع ميسرة في تجارته ، وكان ابن بضعوعشرين سنة ، مع رفقة كانوا يعرفون جميع أحواله ، ولم يجتمع قط بعالم أخذ عنه شيئالا من علماء اليهود ولا النصارى ولا من غيرهم ، لا بحيرى ولا غيره ، ولكن كانبحيرى الراهب لما رآه عرفه ، لما كان عنده من ذكره ونعته ، فأخبر أهله بذلك ،وأمرهم بحفظه من اليهود ، ولم يتعلم لا من بحيرى ، ولا من غيره كلمة واحدة ، وقددافع الله تعالى عن نبيه محمد – صلى الله عليه وسلم – في كتابه رداً على من يزعمتعليم البشر له بقوله : {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْيَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِأَعْجَمِيٌّ وَهَـذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ }[ سورة النحل الآية:103].ففي الآية تكذيب لهم ، لأن لسان الذي نسبوا إليه تعليم النبي – صلى اللهعليه وسلم- أعجمي لا يفصح ، والقرآن عربي غاية في الوضوح والبيان .هذا مع أنفي القرآن من الرد على أهل الكتاب في بعض ما حرفوه مثل : دعواهم أن المسيح - عليهالسلام - صلب ، وقول بعضهم أنه إله ، وقول بعضهم أنه ساحر ، وطعنهم على سليمان -عليه السلام -وقولهم أنه كان ساحراً ، وأمثال ذلك ما يبين أنه لم يأخذ عنهم ، وفيالقرآن من قصص الأنبياء - عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام - ما لا يوجد فيالتوراة والإنجيل ، مثل :قصة هود ، وصالح ، وشعيب وغير ذلك ، وفي القرآن من ذكرالمعاد وتفصيله ، وصفة الجنة والنار ، والنعيم والعذاب ، ما لا يوجد مثله فيالتوراة والإنجيل .[ انظر الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح 2/52، 54 ، 74، 78 ].كما أناللسان العربي من أفصح لغات الآدميين ، وأوضحها ، والناس متفقون على أن القرآن فيأعلى درجات البيان والبلاغة ، والفصاحة ، وفي القرآن من الدلالات الكثيرة علىمقصود الرسول - صلى الله عليه وسلم - التي يذكر فيها أن الله - تعالى - أرسله إلىأهل الكتاب وغيرهم مالا يحصى إلا بكلفة . .[ الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح1/371 ].وأما القولبأن ذكره بالاسم ورد في الكتب السماوية فيشهد له عدة أمور:أولا: تصريحالقرآن الكريم بذلك ، قال تعالى : {وَإِذْ قَالَ عِيسَىابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُممُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍيَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُواهَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ }[ سورة الصف الآية :6].ثانيا: تصريح بعضأهل الكتاب باسمه فيما كانوا يبشرون به من خروج نبي آخر الزمان ، فقد كان بعضالعرب قد سمى ابنه محمدا طمعا في أن يكون النبي المنتظر لما سمعوه من التبشيربخروجه ، فقد خرج أربعة من بني تميم يريدون الشام وهم : عدي بن ربيعة ، وسفيان بنمجاشع، وأسامة بن مالك، ويزيد بن ربيعة، فلما وصلوا الشام نزلوا على غدير ، فسمعحديثهم ديراني في صومعة له ، فأشرف عليهم الديراني فقال: إن هذه لغة ما هي بلغةأهل البلد .فقالوا :نعم ،نحن قوم من مضر .قال : من أي مضر ؟ قالوا : من خندف .قال:أما إنه سيبعث منكم وشيكا نبي ،فسارعوا وخذوا بحظكم منه ترشدوا ، فإنه خاتمالنبيين .فقالوا :ما اسمه ؟ فقال :محمد .فلما انصرفوا من عنده ولد لكل واحد منهمغلاما فسماه محمد. [ المعجم الكبير للإمام الطبراني ح/273- ج 17/111 ]. ولما سمعأكثم بن صيفي التميمي بخروج النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث إليه ابنهليأتيه بخبره ، فلما رجع ابنه ، قال له أكثم : ماذا رأيت ؟ قال :رأيته يأمر بمكارمالأخلاق ،وينهى عن ملائمها .فجمع أكثم قومه ، ودعاهم إلى اتباعه ،وقال لهم : إنسفيان بن مجاشع سمى ابنه محمدا حبا في هذا الرجل ، وإن أسقف نجران كان يخبر بأمرهوبعثه ، فكونوا في أمره أولا ولا تكونوا أخرا. [ الإصابة في تمييز الصحابة للإمامابن حجر 1/211 ].ثالثا: التصريحباسمه في النبوءات والبشارات في الكتب السابقة ، ومن ذلك :ما رواهبرنابا عن عيسى - عليه السلام - من أنه صرح باسم محمد - صلى الله عليه وسلم - فمنكلامه عليه السلام : ( أن الله يعاقب على كل خطيئة مهما كانت طفيفة عقابا عظيما ،لأن الله يغضب من الخطيئة . فلذلك لما كانت أمي وتلاميذي الأمناء الذين كانوا معيأحبوني قليلا حبا عالميا ، أراد الله البر أن يعاقب على هذا الحب بالحزن الحاضر،حتى لا يعاقب عليه بلهب الجحيم . فلما كان الناس قد دعوني الله وابن الله ، علىأني كنت بريئا في العالم ، أراد الله أن يهزأ الناس بي في هذا العالم بموت يهوذا ،معتقدين أنني أنا الذي مت على الصليب لكيلا تهزأ الشياطين بي يوم الدينونه .وسيبقى هذا إلى أن يأتي محمد رسول الله . الذي متى جاء كشف هذا الخداع للذينيؤمنون بشريعة الله) [برنابا .22 – انظر البشارة بنبي الإسلام في التوراة والإنجيللـ أحمد حجازي السقا 1/145 ].وجاء فيمزامير داود عليه السلام قول داود - عليه السلام - : ( إن ربنا عظم محموداً)، وفي مكان آخر : ( إلهنا قدوس ومحمد قد عم الأرض كلها فرحا )[ المزامير (48، 67، 111 ، 118 )- انظر هداية الحيارى لابن قيم الجوزية ، تحقيق رضوان جامع رضوان،ص95 ]، وهذا تصريح من داود - عليه السلام - باسمه ، وجاء في سفر أشعياء ، قولأشعياء معلنا باسم محمد صلى الله عليه مسلم : ( إني جعلت أمرك يا محمد بالحمد ياقدوس الرب ، اسمك موجود قبل الشمس ) [سفر أشعياء الإصحاح (21)، انظر هداية الحيارىلابن قيم الجوزية ، تحقيق رضوان جامع رضوان ،ص 98 ].وهذهالشواهد تجعلنا نعطي لمحة مختصرة عن التوراة والإنجيل : يقول اليهودالعبرانيون والسامريون والنصارى أيضا : إن التوراة عبارة عن خمسة أسفار هي: 1-التكوين 2- الخروج 3- اللاويين ( الأحبار ) 4- العدد 5- التثنية .ويقول العبرانيونوالنصارى بكتب تسمى التوراة مجازا لأنبياء أتوا من بعد موسى – عليه السلام –ويسمونها ( كتب الأنبياء ) [ انظر البشارة بنبي الإسلام 1/54 ].وقد ترجمتمن العبرانية إلى اللغة اليونانية عام 285 – 247 قبل الميلاد ، وقد قام بها اثنينوسبعين عالما من علماء اليهود ، ومن الزمان الذي ترجمت فيه التوراة إلى اليونانية، انتشرت في العالم ، وظهرت ترجمات أخرى لها ، فصعب على اليهود تحريفها ، وزاد منصعوبة التحريف ظهور النصرانية ، وتمسك النصارى بالتوراة ، وتفرقهم بها في جميعالبلاد ، وذلك لأنهم كانوا يكتبونها ويضعونها مع كتب الأناجيل الأربعة : 1- متى 2-يوحنا 3- لوقا 4- مرقس في كتاب واحد .ويسمونمجموع كتب التوراة والإنجيل ( بيبل ) باللغة اليونانية ، أو الكتاب المقدس ،أو كتبالعهد القديم ( التوراة ) ، وكتب العهد الجديد ( الإنجيل ) .[ البشارة بنبيالإسلام 1/58-59 ]. وحديثنا عنالنبوءات عند أهل الكتاب ، يجعلنا نتساءل عن موقفنا منها ؟ويبين ذلكالدكتور سفر الحوالي بقوله : وموقفنا من نبوءات أهل الكتاب هو نفس الموقف من عامةأحاديثهم وأخبارهم ، فهي ثلاثة أنواع : أولاً:ما هو باطل قطعاً : وهو مااختلقوه من عند أنفسهم أو حرفوه عن مواضعه، كدعوى أن نبي آخر الزمان سيكون من نسلداود – عليه السلام -، وأن المسيح الموعود يهودي ، وطمسهم للبشارة بالإسلام ورسوله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ-، وعموماً هو كل ما ورد الوحي المحفوظ (الكتابوالسنة الصحيحة) بخلافه. ثانياً:ما هو حق قطعاً، وهو نوعان: أ ) ما صدقهالوحي المحفوظ نصاً، ومن ذلك إخبارهم بختم النبوة، وإخبارهم بنـزول المسيح - عليهالسلام- ، وخروج المسيح الدجال، وإخبارهم بالملاحم الكبرى في آخر الزمان بين أهلالكفر وأهل الإيمان، ومن هذا النوع ما قد يكون الخلاف معهم في تفصيله أو تفسيره. ب) ما صدقهالواقع ، كما في صحيح البخاري عن جرير بن عبد الله - رضي الله تعالى عنه -قال: كُنت بـاليمن ، فلقيت رجلين من أهل اليمن :ذا كلاع و ذا عمرو فجعلت أحدثهم عنرسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال ذو عمرو : لئن كان الذي تذكرهمن أمر صاحبك؛ فقد مرَّ على أجله منذ ثلاث.- قال ذلك عمرو ، لأنه كان على إطلاعبكتب اليهود باليمن – قال جرير: وأقبلا معي حتى إذا كنا في بعض الطريق رُفِع لناركب من قبل المدينة ، فسألناهم، فقالوا: قُبِضَ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِوَسَلَّمَ واستُخلف أبو بكر والناس صالحون.فقالا: أخبرصاحبك أنا قد جئنا ولعلنا سنعود إن شاء الله، ورجعا إلى اليمن ، فحدثت أبا بكربحديثهم ، فقال: أفلا جئت بهم . فلما كان بعدُ قال لي ذو عمرو : يا جرير ! إن بكعليَّ كرامة، وإني مخبرك خبراً، إنكم معشر العرب لن تزالوا بخير ما كنتم إذا هلكأمير تأمَّرتم في آخر، فإذا كان بالسيف كانوا ملوكاً، يغضبون غضبَ الملوك ويرضونرضا الملوك .[ رواه الإمام البخاري ح/4101 ، وانظر فتح الباري 8/76]. ثالثاً:ما لا نصدقه ولا نكذبه: وهو ما عداهذين النوعين، كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لاتصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم). [رواه الإمام البخاري ح/ 4215]. ومن ذلكإخبارهم عن الآشوري ورجسة الخراب وأمثالها، وكوننا لا نصدقه ولا نكذبه يعني: خروجهعن دائرة الاعتقاد والوحي إلى دائرة الرأي والرواية التاريخية التي تقبل الخطأوالصواب والتعديل والإضافة ، أي أن النهي لا يعني عدم البحث فيه مطلقاً، ولكنه بحثمشروط، وضمن دائرة الظن والاحتمال.[ انظر يوم الغضب هل بدأ بانتفاضة رجب؟ للدكتور:سفر الحوالي ] .والحديث عنالبشارات والنبوءات التي جاءت في التورات والإنجيل ، هو حديث عن علامة من علاماتنبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وفيه أداءٌ لحق البلاغ عن النبي - صلى اللهعليه وسلم - فعن عبد الله بن عمرو- رضي الله عنهما -أن النبي صلى الله عليه وسله -قال : (بلغوا عني ولو آية). [ رواه الإمامالبخاري ح/ 3274 ]، فالله – تعالى – جعل سعادة البشرية في الدنيا ، وهدايتهملكل خير في طاعته واتباعه ، قال تعالى : {قُلْ أَطِيعُوااللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَوَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِإِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ }[ سورة النور الآية :54 ]، وجعل نجاتهم فيالآخرة متوقفة على اتباعه .قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يسمع بي من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بما جئتبه إلا دخل النار). [رواه الإمام مسلم ح/153] .ولقد كانيُعجب النبيَّ - صلى الله عليه وسله - أن يسمع أصحابه قصص أهل الكتاب الدالة علىنبوته ، كما ثبت ذلك في قصة إسلام سلمان الفارسي – رضي الله عنه - فبعد أن قصسلمان قصته على النبي - صلى الله عليه وسله - قال :فأعجب رسول الله - صلى اللهعليه وسله - أن يسمع ذلك أصحابه رضي الله عنهم .[ أخرجه الإمام أحمد ( 5/441-444)،قال شعيب الأرنؤوط ،و حسين الأسد في تحقيق سير أعلام النبلاء للإمام الذهبي(1/511 ) :رجاله ثقات وإسناده قوي ].والناظر فيأسباب دخول الناس إلى دين الله أفواجا ، وإيمانهم بمحمد - صلى الله عليه وسلم -،وخاصة أكثر العرب الذين لم يكن لديهم علم بتلك البشارات ، يجد أنهم آمنوا لما تبينلهم من آيات وعلامات دلت على صدق نبوته - صلى الله عليه وسلم - بل إن أتباعه عليهالصلاة والسلام من العرب وغيرهم كانوا أكثر بعد موته ، مع عدم إطلاع غالبيتهم علىالبشارات والنبوءات ، وهم في تزايد مستمر ،وذلك لما رأوا من عدل ورحمة ويسرالشريعة التي جاء بها ، ولما وجدوا من حسن أثر دعوته في أتباعه على مر الأزمان ،ومن ذلك حسن أخلاقهم ، وما جاء بهمن علامات تدل على صدق نبوته ، والتي منها : أولا:القرآن الكريم ، وهو أعظم الآيات والدلائل ، وسائر العلامات له تبع ،والقرآن آية بينة معجزة من وجوه متعددة : من جهة اللفظ ،ومن جهة النظم ، ومنجهة البلاغة في دلالة اللفظ على المعنى ، ومن جهة معانيه التي أخبر بها عن الله-تعالى -وأسمائه وصفاته وملائكته وغير ذلك ، ومن جهة معانيه التي أخبر بهاعن الغيب الماضي وعن الغيب المستقبل ، ومن جهة ما أخبر به عن المعاد ومن جهة مابين فيه من الدلائل اليقينية والأقيسة العقلية ، التي هي الأمثال المضروبة كما قالتعالى : {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـذَاالْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً }[سورةالإسراءالآية: 89 ]، وانظر الجواب الصحيح 5/428] .والقرآنمعجز بمعارفه وعلومه ، ولم يقدر أحد من العرب وغيرهم - مع قوة عداوتهم وحرصهم علىإبطال أمره بكل طريق ، وقدرتهم على أنواع الكلام - أن يأتوا بمثله ، قال تعالى : {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْبِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْلِبَعْضٍ ظَهِيراً }[ سورة الإسراء الآية :88 ]، وانظر الجواب الصحيح 1/427]. وقال تعالى :{أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَوَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً }[سورة النساء الآية : 82].قال الإمام الطبري – رحمه الله - في تفسير هذه الآيةالكريمة : إن الذي أتيتهم به – يا محمد - من التنزيل من عند ربهم لاتساق معانيه ،وائتلاف أحكامه ، وتأييد بعضه بعضا بالتصديق ، وشهادة بعضه لبعض بالتحقيق ، فإنذلك لو كان من غير الله – تعالى - لاختلفت أحكامه ،وتناقضت معانيه ، وأبان بعضه عنفساد بعض.[تفسير الطبري 5/179].وقال تعالى: {وَمَا كَانَ هَـذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَى مِندُونِ اللّهِ وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لاَرَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ }[ سورة يونس الآية :37].وتأمل أثرالقرآن على ملك الحبشة النجاشي ، وبطارقته وكانوا نصارى ، ثم إقرار النجاشي أن ماجاء به محمد صلى الله عليه وسلم -وهو القرآن - يخرج وما جاء به عيسى - عليهالسلام - وهو الإنجيل من مشكاة واحدة ، فقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -أصحابه بالهجرة إليه لما كانوا يلاقونه من تعذيب وتضييق من كفار مكة ، وكان ملكاعادلا لا يظلم عنده أحد ، وبعد أن وصلوا إليه عاشوا في خير جوار عنده ،آمنين على دينهم يعبدون الله لا يؤذون ولا يسمعون شيئا يكرهونه ،فلما بلغذلك قريشا أغضبها ما كانوا يسمعونه عن أمن المهاجرين ،فتآمروا ليلاحقوهم هناك !!وقرروا أن يبعثوا إلى النجاشي رجلين جلدين ليهدوا للنجاشي هدايا مما يحبه من متاعمكة ،وكان من أعجب ما يأتيه منها الأدم – الجلد - فجمعوا له أدما كثيرا ، ثم بعثوابذلك مع عبد الله بن ربيعة بن المغيرة المخزومي وعمرو بن العاص بن وائل السهمي ،وأمروهما أمرهم ، وقالوا لهما :ادفعوا إلى كل بطريق هديته قبل أن تكلموا النجاشيفيهم . ليستميلوهم فيشيروا على النجاشي بما يريدون .فخرجا فقدماعلى النجاشي ،فلم يبق من بطارقته بطريق إلا دفعا إليه هديته قبل أن يكلما النجاشي، ثم إنهما قربا هداياهم إلى النجاشي فقبلها منهما ،ثم كلماه فقالا له :أيها الملكإنه قد صبا إلى بلدك منا غلمان سفهاء، فارقوا دين قومهم ، ولم يدخلوا في دينك ،وجاؤوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنت ، وقد بعثنا إليك فيهم أشراف قومهم منآبائهم وأعمامهم وعشائرهم لتردهم إليهم ، فهم أعلى بهم عينا ، وأعلم بما عابواعليهم وعاتبوهم فيه .فقالتبطارقته حوله : صدقوا أيها الملك ، قومهم أعلى بهم عينا وأعلم بما عابوا عليهم،فأسلمهم إليهما فليرداهم إلى بلادهم وقومهم .فغضب النجاشي،ثم قال :لا ها الله ، أيم الله إذاً لا أسلمهم إليهما ، ولا أُكاد قوما جاوروني ،ونزلوا بلادي ، واختاروني على من سواي حتى أدعوهم ، فاسألهم ما يقول هذان في أمرهم،فإن كانوا كما يقولان أسلمتهم إليهما ، ورددتهم إلى قومهم ، وإن كانوا غير ذلك ،منعتهم منهما ، وأحسنت جوارهم ما جاوروني .ثم أرسل إلىأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدعاهم ، فلما جاءهم رسوله اجتمعوا،ثم قال بعضهم لبعض :ما تقولون للرجل إذا جئتموه ؟ قالوا :نقول والله ما علمنا ،وما أمرنا به نبينا - صلى الله عليه وسلم - كائن في ذلك ما هو كائن .فلما جاءوه، وقد دعا النجاشي أساقفته ، فنشروا مصاحفهم حوله ، سألهم فقال :ما هذا الدين الذيفارقتم فيه قومكم ، ولم تدخلوا في ديني ، ولا في دين أحد من هذه الأمم ؟ فكلمه جعفربن أبي طالب – رضي الله عنه - فقال له :أيها الملك كنا قوما أهل جاهلية :نعبد الأصنام،ونأكل الميتة ،ونأتي الفواحش ،ونقطع الأرحام ،ونسيء الجوار ، ويأكل القوى مناالضعيف .فكنا على ذلك حتى بعث الله – تعالى - إلينا رسولا منا ،نعرف نسبهوصدقه وأمانته وعفافه ،فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ،ونخلع ما كنا نحن نعبدوآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان ،وأمرنا بصدق الحديث ،وأداء الأمانة ،وصلةالرحم ،وحسن الجوار ،والكف عن المحارم والدماء ،ونهانا عن الفواحش ،وقول الزور،وأكل مال اليتيم ،وقذف المحصنة ،وأمرنا أن نعبد الله وحده ولا نشرك به شيئا،وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام .فعدد عليهأمور الإسلام ،قال :فصدقناه ،وآمنا به واتبعناه على ما جاء به ،فعبدنا الله وحدهفلم نشرك به شيئا ،وحرمنا ما حرم علينا ،وأحللنا ما أحل لنا ،فعدا علينا قومنا،فعذبونا وفتنونا عن ديننا ، ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله ،وأن نستحلما كنا نستحل من الخبائث ،فلما قهرونا وشقوا علينا ،وحالوا بيننا وبين ديننا،خرجنا إلى بلدك ،واخترناك على من سواك ، ورغبنا في جوارك ،ورجونا أن لا نظلم عندكأيها الملك .فقال لهالنجاشي :هل معك مما جاء به عن الله من شيء ؟ فقال لهجعفر :نعم .فقال لهالنجاشي: فاقرأه علي .فقرأ عليهصدرا من (كهيعص). فبكى واللهالنجاشي حتى أخضل لحيته ،وبكت أساقفته حتى اخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلي عليهم!!ثم قالالنجاشي : إن هذا والله والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة . انطلقا ،فواللهلا أسلمهم إليكم أبدا ولا أُكاد .فلما خرجامن عنده قال عمرو بن العاص :والله لأنبئنَّه غدا عيبهم ، ثم استأصل به خضراءهم.فقال له عبد الله بن أبى ربيعة وكان أتقى الرجلين في قومه : لا تفعل ،فإن لهمأرحاما وإن كانوا قد خالفونا .قال :والله لأخبرنه أنهم يزعمون أن عيسى بن مريمعبدٌ .ثم غدا عليه، فقال له : أيها الملك ! إنهم يقولون في عيسى بن مريم قولا عظيما ،فأرسل إليهمفاسألهم عما يقولون فيه . فأرسل إليهم يسألهم عنه .فاجتمعالقوم فقال بعضهم لبعض:ماذا تقولون في عيسى إذا سألكم عنه ؟ قالوا:نقول والله فيهما قال الله وما جاء به نبينا - صلى الله عليه وسلم -كائنا في ذلك ما هو كائن .فلما دخلواعليه ،قال لهم : ما تقولون في عيسى بن مريم ؟فقال لهجعفر بن أبى طالب – رضي الله عنه -:نقول فيه الذي جاء به نبينا - صلى الله عليهوسلم - هو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول .فضربالنجاشي يده إلى الأرض ، فأخذ منها عودا ،ثم قال :ما عدا عيسى بن مريم ما قلت هذاالعود .فتناخرت بطارقته حوله ، حين قال ما قال .فقال :وإن نخرتم والله ، اذهبوافأنتم سيوم بأرضي - والسيوم الآمنون - من سبكم غرم ، من سبكمغرم ،فما أحب أن لي دبرا ذهبا- يعني جبل - وإني آذيت رجلا منكم . ردوا عليهم هداياهما، فلا حاجة لنا بها ،فوالله ما أخذ الله منى الرشوة حين رد علي ملكي فآخذ الرشوةفيه ، وما أطاع الناس في فأطيعهم فيه .فخرجا منعنده مقبوحين مردودا عليهما ما جاءا به ، وأقام المهاجرون – رضي الله عنهم- عندهبخير دار مع خير جار.[ حديث روته أم المؤمنين أم سلمه رضي الله عنها زوج النبي صلىالله عليه وسلم ، وأخرجه الإمام أحمد 1/ 202 ، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد :رجاله رجال الصحيح ].ثانيا: المعجزات الحسية التي جاء بها ، وهي كثيرة جداً ، منها : انشقاق القمر ، وتكثيرالطعام القليل، ونبع الماء من تحت أصابعه ، وبكاء جذع النخلة ، وسلام الحجارة عليه، وتقارب الأشجار له ،و ....و.....وغيرها كثير مما جمعه أهل العلم في دلائل نبوتهصلى الله عليه وسلم .ثالثا: إخباره – صلى الله عليه وسلم - عن المغيبات الماضية ، والحاضرة ، والمستقبلة ، بأمورباهرة لا يوجد مثلها لأحد من النبيين قبله ، فضلا عن غير النبيين ، ففي القرآن منإخباره عن الغيوب شيء كثير ،وكذلك في الأحاديث الصحيحة مما أخبر بوقوعه فكان كماأخبر . [ الجواب الصحيح 6/80 ].رابعا:انتفاع أهل الدنيا بدعوة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - أكمل من انتفاعسائر الأمم بدعوة سائر الأنبياء ، حتى إن المشركين أدركوا هذا الانتفاعالذي حصلّه المسلمون من دعوة النبي –صلى الله عليه وسلم – في سائر نواحي الحياة، فعن سلمان – رضي الله عنه – أن المشركين قالوا له : قد علمكم نبيكم - صلى الله عليه وسلم - كل شيء ،حتى الخراءة !! قال : أجل ، لقدنهانا أن نستقبل القبلة لغائط أو بول ، أو أن نستنجي باليمين ، أو أن نستنجي بأقلمن ثلاثة أحجار، أو أن نستنجي برجيع أو بعظم . [ أخرجه الإمام مسلم ح/262].وقد كاناليهود يدركون ذلك ، وأن الشريعة التي بعث بها أيسر الشرائع ، وأخفها على الناس ،فعندما زنى رجل من اليهود بامرأة ، قال بعضهم لبعض : اذهبوا بنا إلى هذا النبي ،فإنه نبي بعث بالتخفيف - وهذا هو الشاهد - فإن أفتانا بفتيا دون الرجمقبلناها ، واحتججنا بها عند الله ، فقلنا نبي من أنبيائك !! – وهذا إقرار صريحبنبوته - صلى الله عليه وسلم - فأتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو جالس فيالمسجد في أصحابه ، فقالوا : يا أبا القاسم ! ما ترى في رجل وامرأة منهم زنيا ؟فلم يكلمهم كلمة حتى أتى بيت مدراسهم ، فقام على الباب فقال : ( أنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى ! ما تجدون فيالتوراة على من زنى إذا أحصن ؟ ) . قالوا : نحممه ، ونجبيه ، ونجلده ._والتجبية أن يحمل الزانيان على حمار ويقابل أقفيتهما ويطاف بهما - ، وسكت شاب منهم، فلما رآه النبي -صلى الله عليه وسلم -ساكتا ، أنشده ؟ فقال : اللهم إذ نشدتنا ،فإنا نجد في التوراة الرجم .فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (فما أول ما ارتخصتم أمر الله؟). قال: زنى ذو قرابة ملكمن ملوكنا ، فأخر عنه الرجم ، ثم زنى رجل في أسرة من الناس ، فأراد رجمه ، فحالقومه دونه ، وقالوا : لا يرجم صاحبنا حتى تجيء بصاحبك فترجمه .فاصطلحوا هذهالعقوبة بينهم . قال النبي صلى الله عليه وسلم : (فإنيأحكم بما في التوراة)، فأمر بهما فرجما.[ رواه الإمام أبو داود ح/4450 ] .خامسا: اجتمع للنبي - صلى الله عليه وسلم - عدة أمور لا يجتمع مثلها إلا لنبي مثل :المعجزات ، ومثل صفاته ، فهذا عدي بن حاتم من سادة قبيلة طيء ، وكان نصرانيا، يخبر بتأثره بأخلاق النبي – صلى الله عليه وسلم- وذلك في أول لقاء له به ، قالعدي : فانطلق بي إلى بيته ، فوالله إنه لعامد بي إليه إذ لقيته امرأة كبيرةفاستوقفته ، فوقف لها طويلا تكلمه في حاجتها!!قال :قلت فينفسي والله ما هذا بملك! [ابن إسحاق رحمه الله، انظر السيرة النبوية لابن هشامرحمه الله 5/278].ومما اجتمعله إضافة لما ذكر ، قرائن أحواله منذ الصغر فلم يكذب ولم يخن ..الخ [ انظر كتابالبشارة بنبي الإسلام لـ أحمد حجازي السقا ، ينقل عن محصل أفكار المتقدمين للرازي.[1/196 ].ولكنهل من شرط النبي أن يبشر به من تقدمه ؟ يقول ابنتيمية رحمه الله : ليس من شرط النبي أن يبشر به من تقدمه ، كما أن موسى – عليهالسلام - كان رسولا إلى فرعون ولم يتقدم لفرعون به بشارة ، وكذلك الخليل - عليهالسلام - أرسل إلى نمرود ولم يتقدم به بشارة نبي إليه ، وكذلك نوح ، وهود ، وصالح، وشعيب ، ولوط – عليهم السلام - لم يتقدم هؤلاء بشارة إلى قومهم بهم ، مع كونهمأنبياء صادقين ، فإن دلائل نبوة النبي - صلى الله عليه وسله - لا تنحصر في إخبارمن تقدمه ، بل دلائل النبوة منها المعجزات ومنها غير المعجزات. [ أنظر الجوابالصحيح 2/ 32]. وهذه الآياتوالدلائل المبينة لنبوة محمد - صلى الله عليه وسله - من غير البشارات كثيرةجدا ، وهي حجة على أهل الكتاب ، وعلى غيرهم من الأمم ، قال تعالى : {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُلَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ أَن تَقُولُواْ مَا جَاءنَا مِن بَشِيرٍوَلاَ نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءكُم بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍقَدِيرٌ }[سورة المائدة الآية: 19 ] ، وقال تعالى : {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِوَاللّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ } [ سورة آل عمران الآية: 98 ] ، والقرآن أعظم آية جاء بها النبي – صلى الله عليه وسلم - وهوحجة على من بلغه ، قال تعالى: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِاللّهِ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُلأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللّهِآلِهَةً أُخْرَى قُل لاَّ أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِيبَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ }[ سورة الأنعام الآية: 19 ] ، فمن بلغه بعضالقرآن دون بعض ، قامت عليه الحجة بما بلغه دون ما لم يبلغه ، فإذا اشتبه معنى بعضالآيات وتنازع الناس في تأويل الآية وجب رد ما تنازعوا فيه إلى الله ورسوله ، فإذااجتهد الناس في فهم ما أراده الرسول فالمصيب له أجران والمخطئ له أجر.[الجوابالصحيح 2/293 ]. فكيف يكونجوابهم ، وهم يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل ؟! ويأتي الآنالسؤال المهم : ما الدلالات على أن محمدا - صلى الله عليه وسله - مذكور في التوراةوالإنجيل ، ليوصف أهل الكتاب بأنهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ؟ والجوابيتمثل في الدلالات التالية :أولا: تصريح القرآن بذلك ، قال تعالى : {الَّذِينَيَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباًعِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِوَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُعَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِيكَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُوَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [سورة الأعراف الآية: 157 ] ، وقال تعالى : {وَلَمَّاجَاءهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِنقَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّاعَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ }[ سورةالبقرة الآية: 89 ] .ثانيا: تصريح القرآن ببشارة الأنبياء – عليهم السلام - به ، فقد بشر به عيسى -عليه السلام- قال تعالى : ( وإذ قال عيسى ابن مريم يا بنيإسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي منبعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين ) ، بل أخذ العهدوالميثاق على جميع الأنبياء لئن بعث محمد ليؤمنن به ، قال تعالى : {وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَاآتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَامَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْعَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُممِّنَ الشَّاهِدِينَ }[ سورة آل عمران الآية: 81 ] ، قال ابن عباس – رضيالله عنه -وغيره من السلف : ما بعث الله نبيا إلا أخذ عليه الميثاق لئن بعث محمد –صلى الله عليه وسلم -وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه ، وأمره أن يأخذ الميثاق على أمته: لئن بعث محمد – صلى الله عليه وسلم -وهم أحياء ليؤمنن به ولينصرنه .قال ابنتيمية : | |
|
الخميس أكتوبر 14, 2010 7:09 am من طرف Admin