الصدق لله
الشيخ محمود خليل الحصرى والشيخ
من مواليد قرية شبرا النملة مركز طنطا محافظة الغربية عام1917م .. كان
أبوه قد نزح من قرية سنورس محافظة الفيوم إلى قرية شبرا النملة فألحقه
بكتابها عند بلوغه الرابعة من عمره فكان يحفظ القرآن سماعي ثم يكتب ما حفظه
على اللوح بعد أن تعلم الحروف الأبجدية وق...د
أتم حفظ القرآن في الثامنة من عمره .. ولم تكن المعاهد الدينية في ذلك
الوقت تسمح بقبول الطلاب قبل أن يتم الثانية عشرة من عمره فظل مع شيخه
ومحفظه بالكتاب فتعلم التجويد فكان يذهب إلى مسجد القرية في صلاة العصر
ليقرأ ما يتيسر من آيات الذكر الحكيم فنال إستحسان مستمعيه وفي ذلك الوقت
أيضاً بدأت الناس تتعرف عليه وتدعوه ليشاركهم أفراحهم وحفلاتهم حتى نضج
صوته وعلى صيته في القرية كلها.. وعند بلوغه الثانية عشر من عمره إلتحق
بالمعهد الديني بمدينة طنطا وظل يدرس حتى مرحلة الثانوية العامة ثم إنقطع
عن الدراسة بعد لك لتعلم القراءات العشر وفي تلك الفترة كان يذهب لإحياء
الليالي والمآتم كلما دعي إلى ذلك وظل مقيماً بقرية شبرا النملة حتى ألتحق
بالإذاعة عام 1944م. الأستاذ سيد الحصري ...عندما ذاع صيت الشيخ الحصري
في قرية شبرا النملة دعاه شيخ الخفر أكثر من مرة للقراءة في داره وأبخسه
حقه فماذا كان يفعل وماذا كان يعطيه من الأجر؟ هذه كانت بدايته مع القرآن
سنة 1928م دعاه شيخ الخفر لإحياء حفل في داره في بيته ووعده باعطاءه ثلاثين
قرشاً في نهاية هذا الشهر وكانت سعادته كبيرة فسنه مازالت صغيرة وهب وقرأ
إلا أن شيخ الخفر لم يعطه سوى عشرين قرشاً قائلاً له: إبقى عدي علي بعد
العيد عشان أعطيك الباقي ولما هب إليه قال لأهل بيته: كيلو للحصري كيلتين
ونصف فول بالبريزة بتاعتو علشان ما يجلناش ثاني. ولماذا كانت الناس
تتركه يقرأ وحده وينصرفون عنه في بيت شيخ الخفر؟ أبداً لم ينصرف الناس عن
قراءته ولكن شيخ الخفر كان يدعوه للقراءة في بيته كما ذكرت ويتركه وحيداً
في صحن الدار ليقرأ بعد صلاة العشاء حتى آذان الفجر وكانت الناس تريد أن
تقضي مصالحها فتنصرف فكان الصبي محمود الحصري يستمر في القراءة ولا أحد
يسمعه فالكل مشغول بإعداد السحور في داره.. وبينما هو كذلك إذا بأهل البيت
يأتون بطعام السحور إليه ويضعونه بجواره ليأكل وقتما شاء إلا أن النوم غلب
عليه فنام ولما أستيقظ وجد كلباً يأكل طعامه نتيجة غفلته ونومه. كيف عرف
الشيخ الحصري طريقه للإذاعة المصرية؟ في عام 1944م تقدم للإذاعة بطلب
تحديد ميعاد لامتحانه و بالفعل تم تحديد ذلك الميعاد وأجتاز الاختبار وتم
التعاقد معه في نفس اليوم فكانت أول قراءة له على الهواء مباشرة يوم 16
نوفمبر عام 1944م وكان وقتها لا يزال مقيماً بقرية شبرا النملة. في عام
1948م صدر قرار بتعيينه مؤذناً لمسجد سيدي حمزة بمدينة طنطا إلا أنه طلب أن
يكون قارئاً للسورة رغم أن أجر الوظيفة الأخيرة أقل من الأولى فما السبب
وراء ذلك؟ لقد عين أول تعيين له كشيخ لمقرئة سيدي عبد المتعال بمدينة طنطا
وفي عام 1948م صدر قرار بتعيينه مؤذناً بمسجد سيدي حمزة وكان ذلك بتاريخ
7\8\1948م إلا أن حبه لقراءة القرآن وتلاوته ولرغبته في أن يكون صيته
مشهوراً فطلب أن يكون قارئاً للسورة يوم الجمعه بدلاً من وظيفة المؤذن الذي
راتبه أعلى فصدر قرار بنقله إلى وظيفة قارئ سورة بتاريخ 10\10\1948م بنفس
المسجد إلى جانب عمله شيخاً لمقرئة سيدي عبد المتعال ثم صدر قرار وزاري
بقيامه بمهمة الإشراف الفني على مقاريء محافظة الغربية وفي 17\4\ 1949م
إنتدب للقراءة بمسجد سيدي أحمد البدوي بمدينة طنطا وظل بالمسجد الأحمدي حتى
عام 1955م حيث توفى الشيخ الصيفي الذي كان قارئاً للسورة بمسجد الإمام
الحسين بالقاهرة فتم نقله إلى القاهرة قارئاً للسورة بمسجد الإمام الحسين
فأنتقل إلى القاهرة وأقام فيها حتى وفاته. تقلد الشيخ الحصري مناصب
عديدة كلها في خدمة القرآن .. نود مزيداً من الضوء على هذه المناصب؟ تم
تعيينه شيخاً بعموم المقاريء المصرية عام 1960م ثم مستشاراً فنياً لشؤون
القرآن بوزارة الأوقاف في عام 1963م فرئيساً للجنة تصحيح المصاحف ومراجعتها
بالأزهر عام 1963م فخبيراً فنياً لعلوم القرآن والسنة عام 1967م بمجمع
البحوث الإسلامية. الشيخ الحصري كان أول من سجل المصحف مرتلاً للإذاعة
عام 1960م فمن صاحب هذه الفكرة وما الهدف منها؟ كان الشيخ الحصري بعيد
النظر في كثير من الأمور الخاصة بالعقيدة فقد أحس بخطورة التبشير وحملات
التنصير في أفريقيا والتي بدأت تحرف في القرآن فأراد أن يكون القرآن مسجلاً
على شرائط كاسيت أو أسطوانات فكانت رحلته مع الأستاذ لبيب السباعي وآخرين
فتم تسجيل المصحف المرتل بصوت الشيخ الحصري بعد أن رفض العديد من المشايخ
والقراء الفكرة من بدايتها لإختلافهم حول العائد المادي منها وبذلك أصبح
الشيخ الحصري أول صوت يجمع القرآن الكريم مرتلاً على أسطوانات وكان ذلك
برواية حفص وقد تم تسجبل بعض السور ثم عرضت على وزارة الأوقاف التي وافقت
على الاستمرار في تسجيل المصحف مرتلاً كاملاً وقد كتب لهذا التسجيل النجاح
المنقطع النظير ثم تم التسجيل مرتلاً برواية ورش عن نافع ثم سجل الشيخ
الحصري أيضاً القرآن مجوداً بصوته ثم مرتلاً برواية قالون والدوري ثم سجل
المصحف المعلم وقد مكث مدة تقترب من العشرة سنوات لتسجيل المصحف مرتلاً
بالروايات المختلفة. كيف كان إستقبال المستمعين للمصحف المرتل بصوت
الشيخ الحصري؟ لقد كان نجاحه باهراً وقد منحه الرئيس عبد الناصر وسام
العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام 1967م تكريماً له لتسجيله المصحف
المرتل كذلك نال تقدير الملوك والرؤساء في العالم العربي والإسلامي. ما
هي حصيلة ما كسبه من بيع المصحف المرتل مسجلاً ؟ لم يسجل المصحف المرتل
لحساب أي شركة من شركات القطاع الخاص أو لحسابه هو ولكن لحساب المجلس
الأعلى للشؤون الإسلامية على أن يتولى المجلس توزيعه على إذاعات العالم
الإسلامي ولم يكن الشيخ الحصري يسعى إلى العائد المادي قدر سعيه لنيل رضاء
الله عز وجل عنه وخاصة بعد أن رفض العديد من القراء التسجيل المرتل
لإختلافهم حول نسبة العائد المادي من التوزيع ولكن الشيخ الحصري لم يهتم
بكل ذلك حتى أنه كان يردد قائلاً: إن النجاح الذي تحقق لم أكن أتوقعه وهذا
فضل من ربي علي كبير. عندما رشحته وزارة الأوقاف لمرافقة الرئيس جمال
عبدالناصر في رحلته إلى الهند .. ضل الطريق في شوارع الهند وتاه.. فما قصة
هذه الزيارة؟ في عام 1960م رشحته وزارة الأوقاف لمرافقة الرئيس جمال عبد
الناصر في زيارته لبعض الدول الإسلامية في آسيا كالهند وباكستان وكان من
المفروض أن يسبقه الشيخ الحصري إلى تلك الدول ليقرأ القرآن للمسلمين هناك
فأرسلت وزارة الأوقاف خطاباً إلى سفارتها في الهند تخطرهم بميعاد وصول
الشيخ ليكون هناك من يستقبله إلا أن الشيخ فوجئ عند وصوله مطار بومباي
بالهند بعدم وجود من يستقبله فكان في حيرة شديدة ولم يدر ماذا يفعل إلا أن
الله هداه لأن يستقل إحدى سيارات التاكسي ووقف بأحد الشوارع بوسط المدينة
حائراً ينظر إلى الناس وهم كذلك ينظرون إليه وإلى عمامته وجبته وشكله غير
المألوف بالنسبة لهم فأستوقف أحد المارة وأخذ يشير إليه بكلتا يديه بإشارات
تعني رغبته في إرشاده عن مكان يبيت فيه فأصطحبه إلى أحد الفنادق وفور
وصوله قام بإعطاء المسؤولين عن الفندق خطاباً مدون عليه بالإنجليزية مستر
صلاح العبد وكان مستشار مصر الثقافي في الهند وهو بلديات الشيخ وأفهم
المسؤلين عن الفندق بإشارات توحي بأنه يريد الاتصال به وفعلا تم الاتصال به
عن طريق التلفون وأتى إليه وانتهت مشكلته في تلك الزيارة بلقائه بالأستاذ
صلاح العبد ولكنه ومنذ ذلك الوقت قرر ألا يسافر إلى أي دولة أجنبية أو
عربية إلا بعد أن يتصل بنفسه بالمسوؤلين بالسفارات المصرية حتى لا يقع في
حيرة مرة أخرى وكان رحمه الله يضحك كثيراً كلما تذكر هذه الواقعة. قام
الشيخ الحصري بتأليف العديد من الكتب وبذلك فهو يعد أول قاريء بل وآخرهم
فيما أعتقد يؤلف كتباً في القراءات المختلفة.. فما الدافع وراء تأليف هذه
الكتب؟ ومن الذي أوحى إليه بهذه الفكرة؟ أستاذه المرحوم الشيخ الضباع شيخ
عموم المقاريء المصرية الأسبق هو الذي أوحى إليه بهذه الفكرة لما رأى فيه
قدرة كبيرة على الصياغة والتأليف وكان الشيخ الضباع يتابع ويراجع ما يكتبه
الشيخ الحصري .. وقد ألف الشيخ الحصري بعض الكتب عن القراءات العشر وكان
يطبعها على حسابه ويوزعها مجاناً حتى انه أعطى هذه الكتب للمجلس الأعلى
للشؤون الإسلامية مجاناً وكان المجلس يوزعها بسعر رمزي جداً وكان ذلك يسعد
الشيخ الحصري جداً. تزوج الشيخ الحصري عام 1938م.... فما دور الزوجة في
حياته؟ كان الشيخ كثير الأسفار ولذا فالعبء الأكبر يقع على عاتق الزوجة
الأم فهي التي قامت بإعداد الأبناء وتربيتهم وخاصة وأن الشيخ كان نادراً ما
يجلس مع أبناءه لكثرة إنشغاله بالقرآن ورسالة تلاوته وقراءاته وإعداد
الكتب الخاصة بالتسجيلات كل ذلك كانت الأم والزوجة هي التي تشرف على توفير
سبل الراحة له ولأولاده وأعتقد أنها نجحت نجاحاً كبيراً في مهمتها واستطاعت
أن تهيء المناخ المناسب ليستمر في رسالته دون أن تحمله مشقة متابعة وتربية
الأبناء وما يحتاج من جهد كبير وكان كل ذلك تقوم به عن طيب خاطر. كان
الشيخ يهتم بتحفيظ أبناءه القرآن الكريم وإذا ما طلب أحدهم زيادة في
المصروف سأله ماذا حفظت من القرآن فإن حفظ أعطاه وإلا حرمه .. هل أثمر هذا
الأسلوب في إهتمامكم بحفظ القرآن أم أنه وسيلة للحصول على المال فقط؟ وماذا
كان يمنح من يحفظ القرآن؟ لقد كان أباً حنوناً جداً ولكنه يهتم إهتماماً
شديداً بحفظ القرآن وقد إستطعنا جميعاً حفظ القرآن كاملاً والحمد لله وقد
كان يعطي كل من حفظ سطراً قرش صاغ بجانب مصروفه اليومي وإذا أراد زيادة
يسأل ماذا تحفظ من القرآن فإن حفظ وتأكد هو من ذلك أعطاه وقد كانت له فلسفة
في ذلك فهو يؤكد دائماً على حفظ القرآن الكريم حتى نحظى برضاء الله علينا
ثم رضاء الوالدين فنكافيء بزيادة في المصروف وكانت النتيجة أن ألتزم كل
أبناءه بالحفظ وأذكر أنه في عام 1960م كان يعطينا عن كل سطر نحفظه خمسة عشر
قرشاً وعشرة جنيهات عن كل جزء من القرآن نحفظه وكان يتابع ذلك كثيراً إلى
أن حفظ كل أبناءه ذكوراً وإناثاً القرآن الكريم كاملاً والحمد لله. كيف
بدأت رحلته مع المرض ؟ في عام 1980 م عاد من رحلته من السعودية مريضا وقد
زاد عناء السفر وإجهاده من مرضه الذي كان يعاني منه وهو القلب إلا أن المرض
إشتد عليه بعد ثلاثة أيام من عودته ونصحنا الأطباء بضرورة نقله إلى معهد
القلب إلا أنه رفض نصيحة الأطباء بل ورفض تناول الأدوية مرددا : الشافي هو
الله ولما تدهورت صحته تم نقله رغما عنه إلى معهد القلب وقد تحسنت صحته
فعاد إلى البيت مرة أخرى حتى ظننا أنه شفي تماما وظن هو كذلك إلا أنه في
اليوم الأثنين الموافق 24 نوفمبر عام 1980 م فاضت روحه إلى بارئها بعد أن
أدى صلاة العشاء مباشرة. كان الشيخ يقوم بنفسه بمتابعة إتمام بناء
المعهد الديني ببلدته ومسقط رأسه شبرا النملة قبل وفاته بعام واحد ... فهل
كان يشعر بدنو أجله وخاصة بعد أن جمع كل أولاده وعرض عليهم وصيته ؟ أعتقد
أنه كذلك ففي عامه الذي توفى فيه كان يحاول الإنتهاء من بناء مسجد البلدة
ومسجد آخر أعد ليكون مكتب لتحفيظ القرآن وقد تم الإنتهاء من بناء المسجد
الكبير وتسلمته إدارة الأزهر قبل وفاته بخلاف المعهد الديني وقد جمعنا
الشيخ رحمه الله وأشار علينا بوصيته التي قرر فيها التبرع بثلث جميع أملاكه
لاستكمال الأعمال الخيرية التي كان يقوم بها وقد سعدنا بما وصى به والحمد
لله فقد تحقق له ما أراد. كيف كان يبدأ حياته اليومية ؟ كان يومه يبدأ
مع آذان الفجر حيث ينهض للصلاة ثم يعاود النوم مرة أخرى لمدة
ثلاثساعاتويستيقظفي العاشرة صباحا تقريبا ويتناول طعام الإفطار وهو عبارة
عن طبق من الفول منزوع القشر وطبق سلطة وقطعة من الجبن الأبيض وأقل من نصف
رغيف أما وجبة الغذاء فطعامه كان مسلوقا و لايزيد في وجبة العشاء عن قطعة
من الجبن الأبيض وكوب من الزبادي . وما هي الفاكهة التي كان يفضلها ؟
البطيخ .. وكان يحبه جدا مع قطعة من الجبن الأبيض والخبز الجاف. ما هو
أعلى أجر حصل عليه ؟ لم يتفق على أجر ابدا ولذا كان اجره أكبر مما توقع.
هل ورث أحد أبنائه مهنة القراءة وإحتراف التلاوة في السهرات؟ كل أولاده
يتمتعون بصوت جميل طيب ولم يمتهن أحد من أبنائه هذه المهنة إلا محدثك السيد
الحصري حيث تم إعتمادي قارئا للسورة بمسجد العزباني بحي الموسكي بالقاهرة.
كيف احتفل الشيخ الحصري بزواج ابنته الكبرى ؟ أتى الشيخ الفيومي لينشد
الأناشيد الدينية وقد كنا سعداء بهذا الإنشاد سعادة بالغة. ألم تعترض
ابنته على اسلوب الأحتفال بزفافها بالأنشاد الديني ؟ لم يكن أحد يستطيع أن
يعترض على الوالد في أي أمر يفعله ليس ذلك خوفا من بطشه ولكن من منطلق
إحترام رأيه فهو الأب والمعلم وكنا نرى الناس مبهورين به ويقدرونه فكيف بنا
نحن أولاده ونحن أولى بتقديره واحترام رغبته. هل أعترض الشيخ الحصري
على احتراف ابنته إفراج الغناء ؟ لم يعترض على الأطلاق بل كان يشجعها
إليها ويطرب لأدائها. وإذا كان هذا هو حديث ابن الشيخ الحصري في تلك
المسألة الخاصة بموافقة الشيخ على احتراف ابنته الغناء إلا أنه ينبغي أن
نأخذ ذلك الأمر بشيء من الحيطة والحذر لأنه لا يستبعد أن يكون منتفعا من
أخته في نطاق احترافها الغناء وما يدره ذلك عليها من ثروة ومال.. وهذا ما
كان من رواية ابن الشيخ الحصري وشقيق السيدة صاحبة الخبر ... ولكن هناك
شهادات أخرى تنقض شهادة ابن الشيخ الحصري .. أول تلك الشهادات شهادة
القارىء أحمد الرزيقي في الحديث الذي دار بينه وبين جلالة الملك خالد بن
عبدالعزيز رحمه الله عن غضبه من الشيخ الحصري بسبب احتراف ابنته الغناء
فقال له بالحرف الواحد يا صاحب الجلالة الشيخ الحصري بريء من ذنبها وإن
كانت علي خطأ فهي في عصمة زوجها ولكن الملك خالد لم يعجبه ما قاله الشيخ
الرزيقي ... وثانيهما ما قاله لي فضيلة الشيخ رزق خليل حبه شيخ المقارىء
المصرية سابقا من أن السيدة جيهان السادات عرضت علي الشيخ الحصري عندما ذهب
للرئيس السادات في منزله ليطلب منها إصدار قرار بتخفيض الضرائب على مقرئي
القرآن - الموافقة على احتراف ابنته إفراج الغناء إلا أنه رفض ذلك رفضا
قاطعا وقال لها : إنني خادم للقرآن وقارىء له أعلم احكامه وحلاله وحرامه
فكيف أوافق على ما تطلبين ؟ إلا أنها أخبرته بأنها لا تجد حرجا في إحتراف
إبنته الغناء وأنها أي السيدة جيهان السادات قد بحثت مع علماء الدين ذلك
الأمر ولم تجد أن صوت المرآة عورة وخاصة وأن الساحة الغنائية قد خلت بعد
وفاة أم كلثوم وأشادت بصوت ابنته وأن مستقبلا كبيرا ينتظرها إلا أن الشيخ
الحصري أصر عليها الرفض ولكن أبنته لم تنصاع لأمره فاحترفت الغناء و بتشجيع
من زوجها وأحد أخويها فغضب الشيخ عليها .وثالثهما شهادة المبتهل الشيخ
محمد الطوخي الذي قال لي : لم يكن الشيخ الحصري راضيا أبدا عن احتراف ابنته
إفراج الغناء كذلك لم يكن الرئيس السادات راضيا عن ذلك وكان ينظر إلى
احترافها الغناء بشىء من السخط وأنها أي ابنة الشيخ كانت تتعمد أن تصافحة
وزوجته بعد كل حفلة لتكسب وده إلا أنه لم يكن راضيا عن ذلك حبا في الشيخ
الحصري . وأن الشيخ رحمة الله عليه دخل غرفة الأنعاش بإحدى المستشفيات
لحزنه وكدمه علي خروج ابنته عن طوعه وهو لا يملك من أمرها شيء ...ورابعها
..شهادة الشيخ احمد فرحات امام وخطيب مسجد الأمام الحسين في قوله لي :
والله يا محمود يابني ..الحصري بريء من ذنب ابنته وقد قال لي بنفسه وأن
جيهان السادات هي التي حرضتها ولم يفلح في منعها من المضى في هذا الطريق
وخاصة وأن زوجها يشجعها على ذلك . وتلك أربع شهادات تبرىء ساحة الشيخ
العفيف محمود خليل الحصري رحمه الله من ذنب احتراف ابنته إفراج والتي عرفت
فيما بعد بإسمها والذي صاغه لها الدكتور رشاد رشدي رئيس أكاديمية الفنون
سابقا وهو ياسمين الخيام وهذه شهادة أخرى خامسة تبرهن بما لا يدع مجالا
للشك عن غضب الشيخ الحصري وعدم رضاؤه عن ما مضت فيه ابنته وإلا لو أن الأمر
غير ذلك وأن احترافها الغناء قد أسعده كما أدعى ابنه إفتراء لظل اسمها
الفني إفراج الحصري !!!! ما هي آخر المناصب التي تقلدها الشيخ الحصري ؟
انتخب رئيسا لاتحاد قراء العالم الأسلامي عام 1968 م وكان أول من قرأ في
الكونجرس الأمريكي وهيئة الأمم المتحدة. ولادته : ولد فضيلة الشيخ
القارىء محمود خليل الحصرى فى غرة ذى الحجة سنة 1335 و هو يوافق 17 من
سبتمبر عام 1917 ، بقرية شبرا النملة ، مركز طنطا بمحافظة الغربية بمصر . و
حفظ القرآن الكريم و سنه ثمان سنوات ، و درس بالأزهر ، ثم تفرغ لدراسة
علوم القرآن لما كان لديه من صوت متميز و أداء حسن ، و كان ترتيبه الأول
بين المتقدمين لامتحان الإذاعة سنة ( 1364 = 1944 ) و كان قارئا بالمسجد
الأحمدى ، ثم تولى القراءة بالمسجد الحسينى منذ عام ( 1375 = 1955 ) و عين
مفتشا للمقارىء المصرية ثم وكيلا لها ، إلى أن تولى مشيخة المقارىء سنة (
1381 = 1961 ) . و كان أول من سجل المصحف الصوتى المرتل برواية حفص عن
عاصم سنة ( 1381 = 1961 ) و ظلت إذاعة القرآن بمصر تقتصر على صوته منفردا
حوالى عشر سنوات ، ثم سجل رواية ورش عن نافع سنة ( 1384 = 1964 ) ثم رواية
قالون و الدورى سنة ( 1388 = 1968 ) و فى نفس العام : سجل المصحف المعلم و
انتخب رئيسا لاتحاد قراء العالم الإسلامى .و رتل القرآن الكريم فى كثير من
المؤتمرات ، و زار كثيرا من البلاد العربية و الإسلامية الآسوية و
الإفريقية ، و أسلم على يديه كثيرون . و هو أول من نادى بإنشاء نقابة
لقراء القرآن الكريم ، ترعى مصالحهم و تضمن لهم سبل العيش الكريم ، و نادى
بضرورة إنشاء مكاتب لتحفيظ القرآن فى جميع المدن و القرى ، و قام هو بتشييد
مسجد و مكتب للتحفيظ بالقاهرة . و كان حريصا فى أواخر أيامه على تشييد
مسجد و معهد دينى و مدرسة تحفيظ بمسقط رأسه قرية شبرا النملة . وأوصى فى
خاتمة حياته بثلث أمواله لخدمة القرآن الكريم و حُفَّاظه ، و الإنفاق فى
كافة وجوه البر . توفى مساء يوم الإثنين 16 المحرم سنة 1401 و هو يوافق
1980/11/24 ، رحمه الله تعالى و أسكنه فسيح جناته . و له أكثر من عشر
مؤلفات فى علوم القرآن الكريم منها : أحكام قراءة القرآن الكريم ، و هو
هذا الكتاب . القراءات العشر من الشاطبية و الدرة . معالم الإهتداء
إلى معرفة الوقف و الإبتداء . الفتح الكبير فى الإستعاذة و التكبير .
أحسن الأثر فى تاريخ القراء الأربعة عشر . مع القرآن الكريم . قراءة
ورش عن نافع المدنى . قراءة الدورى عن أبى عمرو البصري . نور القلوب
فى قراءة الإمام يعقوب . السبيل الميسر فى قراءة الإمام أبى جعفر .
حسن المسرة فى الجمع بين الشاطبية و الدرة . النهج الجديد فى علم
التجويد . رحلاتى فى الإسلام . و له مقالات عديدة فى مجلة لواء الإسلام .
أما قراءته فتمتاز بأشياء منها : متانة القراءة و رزانة الصوت ، و حسن
المخارج التى صقلها بالرياضة . العناية بيساوى مقادير المدود و الغنات و
مراتب التفخيم و الترقيق ، و توفية الحركات . الإهتمام بالوقف و
الإبتداء حسبما رسمه علماء الفن . صاحب علم : يعتبر الشيخ محمود
خليل الحصرى اكثر قراء القرآن علما ( و خبره بفنون القراءة أكثرهم وعيا )
مستفيضا بعلوم التفسير و الحديث ، فلقد كان يجيد قراءة القرآن الكريم
بالقراءات العشر ، و نال شهاده علميه فيها من الأزهر الشريف لسنة 1958 و
كان ملما ( بهذه القراءات علما ) و فهما و حفظا يجمع أسانيدها المأثورة .
عبقريته : لقد كانت عبقرية الشيخ محمود خليل الحصرى تقوم على الإحساس
اليقظ جدا بعلوم التجويد للقرآن الكريم و هى علوم موضوعية داخلية تجعل من
البيان القرآنى سيمفونية بيانية تترجم المشاعر و الأصوات و الأشياء فتحيل
المفردات إلى كائنات حيه و كذلك تأثره بالقرآن الكريم ، حيث كان عاملا بما
يقول ، فكان ذو ورع و تقوى ، كست الصوت رهبة و مخافة . فأثرت الصوت خشوعا و
خضوعا لله عز و جل ، مما أثرت فى أذان سامعيه . فائدة الترتيل : يقول
الشيخ محمود خليل الحصرى ( أن الترتيل يجسد المفردات تجسيدا حيا و من ثم
يجسد المداليل التى ترمى إليها المفردات .و إذا كنا عند الأداء التطريبى
نشعر بنشوة أتية من الأشباع التطريبى فأننا عند الترتيل يضعنا فى مواجهة
النص القرآنى مواجهة عقلانية محضة تضع المستمع أمام شعور بالمسئولية .
قواعد الترتيل : و الترتيل اذن ليس مجرد قواعد يمكن ان يتعلمها كل إنسان
ليصبح بذلك أحد القراء المعتمدين ، انما الترتيل فن غاية فى الدقة و
التعقيد ليس فحسب و يحتاج دراسة متبحرة فى فقه اللغة و لهجات العرب القدامى
و علم التفسير و علم الأصوات و علم القراءات بل يحتاج مع ذلك إلى صوت ذى
حساسية بالغة على التقاط الظلال الدقيقة بجرس الحروف و تشخيص النبرات ،
واستشفاف روح العصر التى يعمر بها الكون حيث أن الله يوحى للإنسان و النبات
و الجماد - كل هذا كسب صوت الشيخ محمد خليل الحصرى جمالا و بهاءا و قدرة
على معرفة مصاغ الآيات ، فمثلا شعوب العالم الإسلامى التى لا تجيد العربية
كانت تفهم الشيخ محمود خليل الحصرى و تعرف القرآن منه ، هذه الخاصية أمن
الله بها على الشيخ محمود خليل الحصرى مما جعله ذائع الصيت فى العالم
الإسلامى . علمه : إلى جانب أنه قارىء للقرآن الكريم عبر أكثر من
أربعين عاما و فى الإذاعات المصرية و العربية و الإسلامية كان عالما فى علم
القراءات العشر و يعرف طرق روايتها و جميع أسانيدها ، و كان يحاضر فى كثير
من الجامعات المصرية و العربية و الإسلامية فكان عالما ذو رسالة نبيلة بل
هى أعظم رسالة فى دنيا العلوم و المعارف و هى رسالة حفظ كتاب الله من أى
تحريف و تشويه ، و كان مراجعا لكتاب الله سواء فى الغذاعة مختبرا للقراء
الجدد و مراجعا لكتابة المصحف ، كذلك ظل شيخا لقراء العالم الإسلامى طيلة
عشرين عاما و كان عضوا فى مجمع البحوث الغسلامية ( هيئة كبار العلماء )
بالأزهر الشريف . و بالرغم من كل ذلك ظل متواضعا يحب الفقراء و يجالسهم و
يعطف عليهم . الخلاصة : لقد ذكرنا بعضا من شخصية الشيخ محمود خليل
الحصرى ( رحمه الله ) التى كانت شخصية الإنسان المسلم التى قال فيها رسول
الله صلى الله عليه و سلم حينما سئلت أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها .
فقالت كان خلقه القرآن أو كان قرآنا يمشى ، هكذا كان الشيخ محمود خليل
الحصرى قرآن يمشى فكان قارئا خاشعا فاهما لكتاب الله عاملا على خدمته و
حفظه و عاملا بآياته ذاكرا خاضعا خانعا زميلا للقرآن و آياته و حفظه من أى
شائبه . إن الشيخ محمود خليل الحصرى كرمه الله عز و جل أعظم تكريما فما من
يوم يمر إلا و تجد ملايين المسلمين فى مشارق الأرض و مغاربها تستمع إلى
صوته تاليا و مرتلا لآيات اللع عز و جل . الشيخ / محمود خليل الحصرى
في سطور: ولد فى 1917/9/17 م - بقرية شبرا النملة - مركز طنطا محافظة
الغربية . حفظ القرآن الكريم و أتم تجويده و هو ابن ثمانى سنوات .
كان يذهب من قريته إلى المسجد الأحمدى بطنطا يوميا ليحفظ القرآن . نذره
والده لخدمة القرآن . التحق بالأزهر الشريف و تعلم القراءات العشر و أخذ
شهاداته فى ذلك العلم ( علم القراءات ) . 1944 م تقدم إلى امتحان
الإذاعة و كان ترتيبه الاول على المتقدمين للإمتحان فى الإذاعة . 1950 م
عين قارئا للمسجد الاحمدى بطنطا . 1955 م عين قارئا للمسجد الحسينى
بالقاهرة . 1957 م عين مفتشا للمقارىء المصرية . 1958 م عين وكيلا
لمشيخة المقارىء المصرية . 1958 م تخصص فى علوم القراءات العشر الكبرى و
طرقها و روايتها بجميع أسانيدها و نال عنها شهادة علوم القراءات العشر من
الأزهر الشريف . 1959 م عين مراجعا و مصححا للمصاحف بقرار مشيخة الأزهر
الشريف . 1960 م أول من ابتعث لزيارة المسلمين فى الهند و باكستان و
قراءة القرآن الكريم فى المؤتمر الإسلامى الأول بالهند فى حضور الرئيس
الأول بالهند فى حضور الرئيس جمال عبد الناصر و الرئيس جواهر النهرو و زعيم
المسلمين بالهند . 1961 م عين بالقرار الجمهورى شيخ عموم المقارىء
المصرية . 1961 م أول من سجل المصحف المرتل فى انحاء العالم برواية حفص
عن عاصم و ظلت إذاعة القرآن الكريم تقتصر على إذاعة صوته منفردا حوالى عشر
سنوات . 1962 م عين نائبا لرئيس لجنة مراجعة المصاحف و تصحيحها بالأزهر
الشريف ثم رئيسا لها بعد ذلك . 1963 م أثناء زيارته لدولة الكويت عثر
على مصاحف قامت بتحريفها اليهود و تصدى لألاعيب الصهاينة . 1964 م أول
من سجل المصحف المرتل فى أنحاء العالم برواية ورش عن نافع . 1965 م قام
بزيارة فرنسا و أتيحت له الفرصة إلى هداية عشرة فرنسيين لدين الإسلام بعد
أن سمعوا كلمات الله أثناء تلاوته للقرآن الكريم . 1966 م عين مستشارا
فنيا لشئون القرآن الكريم بوزارة الأوقاف . 1966 م اختاره اتحاد قراء
العالم الإسلامى رئيسا لقراء العالم الإسلامى بمؤتمر ( إقرأ ) بكراتشى
بالباكستان . 1967 م عين خبيرا بمجمع البحوث الإسلامية لشئون القرآن
الكريم ( هيئة كبار العلماء ) بالأزهر الشريف . 1967 م حصل على وسام
العلوم و الفنون من الطبقة الأولى فى عيد العلم . 1967 م رئيس اتحاد
قراء العالم . 1968 م انتخب عضوا فى المؤتمر القومى للإتحاد الإشتراكى
عن محافظة القاهرة ( قسم الموسكى ) . 1968 م أول من سجل المصحف المرتل
فى أنحاء العالم برواية قالون و رواية الدورى و رواية البصرى . 1969 م
أول من سجل المصحف المعلم فى أنحاء العالم ( طريقة التعليم ) . 1970 م
سافر إلى الولايات المتحدة لأول مرة موفدا من وزارة الأوقاف للجاليات
الإسلامية بأمريكا الشمالية و الجنوبية . 1973 م قام الشيخ محمود خليل
الحصرى أثناء زيارته الثانية لأمريكا بتلقين الشهادة لثمانية عشر رجلا و
إمرأة أمريكيين أشهروا إسلامهم على يديه بعد سماعهم لتلاوته القرآن الكريم .
1975 م أول من رتل القرآن الكريم فى العالم بطريقة المصحف المفسر (
مصحف الوعظ ) . 1977 م أول من رتل القرآن الكريم فى أنحاء العالم
الإسلامى فى الامم المتحدة أثناء زيارته لها بناء على طلب جميع الوفود
العربية و الإسلامية . 1978 م أول من رتل القرآن الكريم فى القاعة
الملكية و قاعة هايوارت المطلة على نهر التايمز فى لندن و دعاه مجلس الشئون
الإسلامية إلى المدينتين البريطانيتين ليفر بول و شيفلد ليرتل أما
الجاليات العربية و الإسلامية فى كل منهما . و سافر إلى جميع الدول
العربية و الإسلامية و كذلك روسيا و الصين و سويسرا و كندا و اغلب عواصم
العالم . استقبله عدد كبير من الملوك و الرؤساء فى أغلب دول العالم و على
سبيل المثال الرئيس الأمريكى جيمى كارتر . كان قد أوصى بثلث تركته للإنفاق
منها على مشروعات البر و الخير و لخدمة المسجدين التى شيدهما للقاهرة و
طنطا و المعاهد الدينية الثلاثة الإبتدائى و الإعدادى و الثانوى الأزهرى و
مكتبين لحفظ القرآن الكريم فى المسجدين بالقاهرة و طنطا و حفاظ القرآن
الكريم و معلميه و الإنفاق فى كافة وجوه الإحسان تاريخ الوفاة : توفى
يوم الإثنين 24 نوفمبر سنة 1980 فور إنتهاءه من صلاة العشاء