حبيب الله
عدد المساهمات : 127 تاريخ التسجيل : 27/10/2010
| موضوع: مكانة الصحابة في القرآن الكريم الجمعة أكتوبر 29, 2010 6:37 am | |
| مكانة الصحابة في القرآن الكريم
مكانة الصحابة في القرآن الكريم: 1. خيرية الأمة الإسلامية: منذ أن أهبط آدم عليه السلام إلى الأرض، ثم حمل نوح أتباعه المؤمنين فيالسفينة، انتشر بنو آدم وأولادهم وأحفادهم في البلاد، وصاروا أمما، جعلالله تبارك وتعالى لكل أمة شرعة ومنهاجا، وادخر أمة محمد النبي الخاتمليكونوا الآخرين السابقين، فهم آخر الأمم بعثا في الدنيا، وأول الأممحسابا يوم القيامة، وقد وصف الحق تبارك وتعالى هذه الأمة بقوله: (كُنْتُمْخَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِوَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ). 2. أفضلية الصحابة: ما بعث الله نبيا إلا كان أصحابه وحواريوه أقرب الناس إلى الله تعالى، فمنآمن مع نوح، وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ويوسف والأسباط، ومن بعدهمأتباع داود وسليمان وموسى وعيسى عليهم جميعا السلام، ويكفيك وصف القرآنللحواريين، ولما كان محمد صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم، فلا بد أن يكونأتباعه والمؤمنون برسالته في أعلى عليين. 3. الله يرضى عن المهاجرين والأنصار ومن تبعهم بإحسان: أثنى الله تبارك وتعالى على الصحابة عامة، وعلى السابقين من المهاجرينوالأنصار خاصة يقول سبحانه: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ،رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ، وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍتَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً، ذَلِكَالْفَوْزُ الْعَظِيمُ}. ولا يخفى أن السابقين من المهاجرين كانوا من المستضعفين في مكة، وقدتعرضوا لصور متعددة من العذاب، كما تحملوا ضغوطا شديدة من صناديد قريش،وما زادهم ذلك إلا تمسكا بدينهم، وإخلاصا في اتباع أوامره واجتناب نواهيه،ولما اشتد عليهم العذاب، أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلىالحبشة، قائلا لهم: "إن فيها ملكا لا يظلم عنده أحد"، فتركوا الأموالوالديار والأهل والأوطان، وهاجروا بدينهم، وكان على رأس المهاجرين عثمانبن عفان وزوجته رقية بنت النبي صلى الله عليه وسلم، وقد زكى النبي صلىالله عليه وسلم هجرتهم بقوله: "عثمان أول من هاجر بأهله بعد لوط" ثم توالتالهجرة، فهاجر جماعة في الهجرة الثانية إلى الحبشة، ثم أذن الله تباركوتعالى للمسلمين في الهجرة إلى المدينة، وهنا يبرز دور الأنصار، فقد نالواشرف حماية الدعوة الإسلامية، واحتضانها على أرض المدينة، فقد سعت الأنصارإلى بيعة النبي صلى الله عليه وسلم، وعاهدوه على نصرة دينه، وحمايةالمهاجرين، فاشتروا بذلك الآخرة، وكما وفوا بما عاهدوا الله عليه، فقد وفىالله تبارك وتعالى لهم كما وعدهم نبي الله عز وجل، فكانت الجنة مثوى لهم،فالآية القرآنية الكريمة تمتدح المهاجرين، والأنصار، بالإضافة إلىالتابعين الذين ساروا على دربهم، واتبعوهم بإحسان، فنالوا الدنيا والآخرة،وذلك في قوله تعالى : [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ،وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَفِيهَا أَبَداً، ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ] ويفصل القرآن الكريم سبب المكانة العالية للمهاجرين والأنصار بقوله:{لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْوَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً،وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَه،ُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ،والَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالأِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَمَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ، وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّاأُوتُوا، وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْخَصَاصَةٌ، وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ،والَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَاوَلإخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمَانِ، وَلا تَجْعَلْ فِيقُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ}..هذه ثلاث آيات من سورة الحشر الأولى منها في المهاجرين، والثانية فيالأنصار، والثالثة في الذين يجيئون بعد المهاجرين والأنصار مستغفرين لهمسائلين الله تعالى أن لا يجعل في قلوبهم غلا لهم وليس وراء هذه الأصنافالثلاثة إلا الخذلان والوقوع في حبائل الشيطان ولهذا قالت عائشة رضي اللهعنها لعروة بن الزبير بشأن بعض هؤلاء المخذولين: "أمروا أن يستغفروالأصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم فسبُّوهم" أخرجه مسلم في صحيحه. كماأثنى الحق تبارك وتعالى على من جاء من بعد الصحابة مقرا لهم بالفضلوالسبق، داعيا لهم ومستغفرا بأنهم على الخير. وهناك أدلة كثيرة تثبت عدالة الصحابة من القرآن الكريم والسنة المطهرة نذكرها فيما بعد . 4. فضل الصحابة قبل الفتح وبعده يقدم الله تبارك وتعالى السابقين للإسلام عن غيرهم ممن أسلم بعد فتح مكة،وسبب التفضيل بديهي ومعروف، فمن آمن ودولة الكفر غالبة، فقد تعرض للإيذاءوالبطش والعذاب والتنكيل، وكان جهاده في نصرة دينة توطئة لكل من جاءبعدهم، أما من أسلم ودولة الإسلام هي الغالبة، فقد دخل في حصن الإسلامواحتمى فيه، وشتان بين من يشيد قلعة الإسلام، وبين من يحتمي فيها، قالالله تعالى: {لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِوَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْبَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَاتَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}، ومن كرم الله تعالى أن فضَّل من أنفق قبل الفتحوقاتل على من دخل الإسلام، ودولته غالبة، هذا الفضل ثابت بدرجة أعظم عندالله تعالى، وكلا وعد الله الحسنى. 5. ثناء الله على الصحابة كلهم بدون استثناء أحد منهم يقول عز من قائل: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، وَالَّذِينَ مَعَهُأَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ، رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ، تَرَاهُمْ رُكَّعاًسُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً، سِيمَاهُمْ فِيوُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ، ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ،وَمَثَلُهُمْ فِي الأِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُفَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ، يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَبِهِمُ الْكُفَّارَ، وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُواالصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً}. وقال النووي في شرحه بعد ذكر آية الحشر: "وبهذا احتج مالك في أنه لا حق فيالفيء لمن سب الصحابة رضي الله عنهم لأن الله إنما جعله لمن جاء من بعدهميستغفر لهم"، وقال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية: "وما أحسن مااستنبط الإمام مالك من هذه الآية الكريمة أن الرافضي الذي يسب الصحابة ليسله في مال الفيء نصيب لعدم اتصافه بما مدح الله به هؤلاء في قولهم:{رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَابِالأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آمَنُوارَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ}. وهناك العديد من الآيات التي تمدحالصحابة وتثني عليهم، وإثبات عدالتهم، منها" لقد رضي الله عن المؤمنين إذيبايعونك تحت الشجرة"، وقوله تعالى: :والسابقون السابقون، أولئك المقربون" 6. مكانة الصحابة في السنة المطهرة * ولا عجب أن يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: عن أبي هريرة رضي الله عنهأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بعثت من خير قرون بني آدم قرنافقرنا، حتى كنت من القرن الذي كنت فيه". ، وفي لفظ عمران بن حصين: "خيرالناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم"[ (تخريج 23) ]. * وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلىالله عليه وسلم: "يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس فيقال: هل فيكممن صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون نعم فيفتح لهم، ثم يأتيعلى الناس زمان فيغزوا فئام من الناس، فيقال: هل فيكم من صاحب أصحاب رسولالله صلى الله عليه وسلم فيقولون نعم، فيفتح لهم ثم يأتي على الناس زمانفيغزو فئام من الناس فيقال هل فيكم من صاحب من صاحب أصحاب رسول الله صلىالله عليه وسلم فيقولون نعم فيفتح لهم"[ (تخريج 24)]. * عن عبد الله بن مغفل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الله اللهفي أصحابي، الله الله في أصحابي، لا تتخذوهم غرضا بعدي، فمن أحبهم فبحبيأحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذىالله، ومن آذى الله يوشك أن يأخذه"[ (تخريج 25)]. * عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تسبوا أصحابي،لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدركمد أحدهم ولا نصيفه"[ (تخريج 26) ]. * عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِوَسَلَّمَ : " لا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ،لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّأَحَدِهِمْ، وَلا نَصِيفَهُ. أخرجه أحمد في فضائل الصحابة [ (تخريج 27) ]] * عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ : قَالَ أُنَـاسٌ مِنْ أَصْحَابِأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَارَسُولَ اللَّهِ، أَنَّا نُسَبُّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّىاللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ سَبَّ أَصْحَابِي فَعَلَيْهِلَعْنَةُ اللَّهِ، وَالْمَلائِكَةِ، وَالنَّـاسِ أَجْمَعِينَ، لا يَقْبَلُاللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلا عَدْلا أخرجه أحمد في فضائل الصحابة[ (تخريج28) ] * عَنْ عَامِرٍ، قَالَ : شَكَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ خَالِدَبْنَ الْوَلِيدِ إِلَى رَسُولِ اللَّـهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِوَسَلَّمَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "يَا خَالِدُ، مَا لَكَ وَمَا لِرَجُلٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ ؟، لَوْأَنْفَقْتَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، لَمْ تُدْرِكْ عَمَلَهُ " أخرجه أحمدفي فضائل الصحابة [(تخريج 29) ] * عن أبي سعيد الخدري قال: كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوفشيء، فسبه خالد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تسبوا أحدا منأصحابي، فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه".(متفق عليه) [ (تخريج 30) ] * فإذا كان سيف الله خالد بن الوليد وغيره ممن أسلم بعد الحديبية لا يساويالعمل الكثير منهم القليل من عبد الرحمن بن عوف وغيره ممن تقدم إسلامه معأن الكل تشرف بصحبته صلى الله عليه وسلم فكيف بمن لم يحصل له شرف الصحبةبالنسبة إلى أولئك الأخيار، إن البون لشاسع وإن الشقة لبعيدة فما أبعدالثرى عن الثريا بل وما أبعد الأرض السابعة عن السماء السابعة ذلك فضلالله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم. * عَنْ عَبْدِ اللَّـهِ بْنِ بِي أَوْفَى، شَكَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُعَوْفٍ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ، فَقَالَ : " يَا خَالِدُ، لِمَ تُؤْذِيرَجُلا مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ؟ لَوْ أَنْفَقْتَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا لَمْتُدْرِكْ عَمَلَهُ "، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَقَعُونَ فِيَّفَأَرُدُّ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِوَسَلَّمَ : " لا تُؤْذُوا خَالِدًا، فَإِنَّهُ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِاللَّهِ صَبَّهُ اللَّهُ عَلَى الْكُفَّارِ " أخرجه أحمد في فضائلالصحابة[ (تخريج 31) ]. * عَنْ عَائِشَةَ : " أُمِرُوا بِالاسْتِغْفَارِ لأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ فَسَبُّوهُمْ أخرجه أحمد في فضائل الصحابة. * عن ابن عمر قال: " لا تَسُبُّوا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ، فَلَمَقَامُأَحَدِهِمْ سَاعَةً خَيْرٌ مِنْ عِبَادَةِ أَحَدِكُمْ أَرْبَعِينَ سَنَةًأخرجه أحمد في فضائل الصحابة. * وروى ابن بطة بإسناد صحيح - كما في منهاج السنة لابن تيمية - عن ابنعباس أنه قال: "لا تسبوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فلمقام أحدهم ساعة- يعني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم - خير من عمل أحدكم أربعين سنة "وفي رواية وكيع: "خير من عمل أحدكم عمره". * ولما ذكر سعيد بن زيد رضي الله عنه العشرة المبشرين بالجنة قال: "واللهلمشهد رجل منهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يغبر فيه وجهه خير من عملأحدكم ولو عمِّر عُمْر نوح" أخرجه أبو داود والترمذي. * وعن جابر رضي الله عنه قال: "قيل لعائشة أن أناسا يتناولون أصحاب النبيصلى الله عليه وسلم حتى أبا بكر وعمر فقالت: وما تعجبون من هذا؟ انقطععنهم العمل، فأحب الله أن لا ينقطع عنهم الأجر" أخرجه رزين كما في جامعالأصول لابن الأثير. * ويشهد لذلك قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "إن المفلس منأمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي قد شتم هذا وقذف هذاوأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناتهفإن فَنِيَت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرحفي النار"[ (تخريج 32) ]. 7. مكانة الصحابة عند سلف الأمة ظهرت مكانة الصحابة رضوان الله عليهم واضحة جلية في القرآن والسنة ودلتعلى فضل أولئك الأخيار، فصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم عدولبتعديل الله تعالى لهم وثنائه عليهم وثناء رسوله صلى الله عليه وسلم. ومنثم استفاض علماء السلف في بيان مكانتهم وعدالتهم، وإليك بعض هذه الأقوال:- * قال النووي في التقريب الذي شرحه السيوطي في تدريب الراوي: "الصحابة كلهم عدول من لابس الفتن وغيرهم بإجماع من يعتد به" انتهى. * وقال الحافظ ابن حجر في الإصابة: "اتفق أهل السنة على أن الجميع عدولولم يخالف في ذلك إلا شذوذ من المبتدعة" انتهى. ولهذا لا تضر جهالةالصحابي فإذا قال التابعي: "عن رجل صحب النبي صلى الله عليه وسلم" لم يؤثرذلك في المروي لأن الجهالة في الصحابة لا تضر لأنهم كلهم عدول. * قال الخطيب البغدادي في كتاب الكفاية: "كل حديث اتصل إسناده بين من رواهوبين النبي صلى الله عليه وسلم لم يلزم العمل به إلا بعد ثبوت عدالةرجاله، ويجب النظر في أحوالهم سوى الصحابي الذي رفعه إلى رسول الله صلىالله عليه وسلم، لأن عدالة الصحابة ثابتة معلومة بتعديل الله لهم، وإخبارهعن طهارتهم، واختياره في نص القرآن". ثم ساق بعض الآيات والأحاديث فيفضلهم، ثم قال: "على أنه لو لم يرد من الله عز وجل ورسوله صلى الله عليهوسلم فيهم شيء مما ذكرناه لأوجبت الحال التي كانوا عليها من الهجرةوالجهاد والنصرة، وبذل المهج والأموال، وقتل الآباء والأولاد والمناصحة فيالدين، وقوة الإيمان، واليقين القطع على عدالتهم، والاعتقاد لنزاهتهم،وأنهم أفضل من جميع المعدلين والمزكين الذين يجيئون بعدهم أبد الآبدين". ومذهب أهل السنة والجماعة فيهم وسط بين طرفيها الإفراط والتفريط، وسط بينالمفرطين الغالين، الذين يرفعون من يعظمون منهم إلى ما لا يليق إلا باللهأو برسله، وبين المفرِّطين الجافين الذين ينقصونهم ويسبونهم، فهم وسط بينالغلاة والجفاة، يحبونهم جميعا وينزلونهم منازلهم التي يستحقونها بالعدلوالإنصاف، فألسنتهم رطبة بذكرهم بالجميل اللائق بهم وقلوبهم عامرة بحبهموما صح فيما جرى بينهم من خلاف فهم فيه مجتهدون إما مصيبون فلهم أجرالاجتهاد والإصابة، وإما مخطئون ولهم أجر الاجتهاد وخطؤهم مغفور، وليسوامعصومين بل هم بشر يصيبون ويخطئون ولكن ما أكثر صوابهم بالنسبة لصوابغيرهم وما أقل خطأهم إذا نسب إلى خطأ غيرهم ولهم من الله المغفرةوالرضوان، وكتب أهل السنة مملوءة ببيان هذه العقيدة الصافية النقية في حقهؤلاء الصفوة المختارة من البشر لصحبة خير البشر صلى الله عليه وسلم ورضيالله عنهم أجمعين . حب أهل السنة للصحابة تواترت أقوال علماء أهل السنة واعتقادهم حب الصحابة رضي الله عنهم؛ فمن ذلك: * قول الطحاوي في عقيدة أهل السنة: "ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليهوسلم ولا نفرط في حب أحد منهم ولا نتبرأ من أحد منهم ونبغض من يبغضهموبغير الخير يذكرهم ولا نذكرهم إلا بخير وحبهم دين وإيمان وإحسان وبغضهمكفر ونفاق وطغيان" . * وقال ابن أبي زيد القيرواني المالكي في مقدمة رسالته المشهورة: "وأن خيرالقرون الذين رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفضل الصحابة الخلفاءالراشدون المهديون أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم أجمعينوأن لا يذكر أحد من صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم إلا بأحسن ذكروالإمساك عما شجر بينهم وأنهم أحق الناس أن يلتمس لهم أحسن المخارج ويظنبهم أحسن المذاهب. * وقال الإمام أحمد بن حنبل في كتاب السنة: "ومن السنة ذكر محاسن أصحابرسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم أجمعين والكف عن الذي جرى بينهم فمن سبأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو واحدا منهم فهو مبتدع رافضي، حبهمسنة والدعاء لهم قربة والاقتداء بهم وسيلة والأخذ بآثارهم فضيلة". وقال:"لا يجوز لأحد أن يذكر شيئا من مساويهم ولا يطعن على أحد منهم فمن فعل ذلكفقد وجب على السلطان تأديبه وعقوبته ليس له أن يعفو عنه بل يعاقبه ثميستتيبه فإن تاب قبل منه وإن لم يتب أعاد عليه العقوبة وخلَّده في الحبسحتى يتوب ويرجع". * وقال الإمام أبو عثمان الصابوني في كتاب عقيدة السلف وأصحاب الحديث:"ويرون الكفّ عمّا شجر بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتطهيرالألسنة عن ذكر ما يتضمن عيبا أو نقصا فيهم ويرون الترحم على جميعهموالموالاة لكافَّتهم". * وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه العقيدة الواسطية: "ومن أصول أهلالسنة والجماعة سلامة قلوبهم ألسنتهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلمكما وصفهم الله في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْيَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَابِالأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آمَنُوارَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} وطاعة للنبي صلى الله عليه وسلم فيقوله: "لا تسبوا أصحابي فو الذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نصيفه" ويقبلون ما جاء به الكتاب والسنة والإجماعمن فضائلهم ومراتبهم ويفضِّلون من أنفق من قبل الفتح وهو صلح الحديبيةوقاتل على من أنفق من بعد وقاتل ويقدمون المهاجرين على الأنصار، ويؤمنونبأن الله قال لأهل بدر وكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا: "اعملوا ما شئتمفقد غفرت لكم"، وبأنه لا يدخل النار رجل بايع تحت الشجرة كما أخبر بهالنبي صلى الله عليه وسلم بل لقد رضي الله عنهم ورضوا عنه وكانوا أكثر منألف وأربعمائة ويشهدون بالجنَّة لمن شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلمكالعشرة وثابت بن قيس بن شماس وغيرهم ويقرون بما تواتر به النقل عن أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وغيره من أن خير هذه الأمة بعدنبيها أبو بكر ثم عمر ثم يثلثون بعثمان ويربعون بعلي رضي الله عنهم كمادلت عليه الآثار وكما أجمع على تقديم عثمان في البيعة مع أن بعض أهل السنةكانوا قد اختلفوا في عثمان وعلي رضي الله عنهما - بعد اتفاقهم على تقديمأبي بكر وعمر - أيهما أفضل فقدَّم قوم عثمان وسكتوا وربعوا بعلي وقدَّمقوم عليّاً وقوم توقفوا لكن استقر أمر أهل السنة على تقديم عثمان ثم عليوإن كانت هذه المسألة - مسألة عثمان وعلي - ليست من الأصول التي يضلَّلُالمخالف فيها عند جمهور أهل السنة لكن التي يضلل فيها مسألة الخلافة وذلكأنهم يؤمنون أن الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر ثم عمرثم عثمان ثم علي، ومن طعن في خلافة أحد من هؤلاء فهو أضل من حمار أهله".ثم ذكر محبتهم لأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوليهم لهم وحفظهمفيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وتولِّيهم أزواج رسول الله صلى اللهعليه وسلم أمهات المؤمنين وإيمانهم بأنهنَّ أزواجه في الآخرة ثم قال:"ويتبرءون من طريقة الروافض الذين يبغضون الصحابة ويسبونهم وطريقة النواصبالذين يؤذون أهل البيت بقول أو عمل، ويمسكون عما جرى بين الصحابة ويقولونأن هذه الآثار المروية في مساويهم منها ما هو كاذب ومنها ما قد زيد فيهونقص وغيّر عن وجهه الصحيح منه هم فيه معذورون إما مجتهدون مصيبون وإمامجتهدون مخطئون وهم مع ذلك لا يعتقدون أن كل واحد من الصحابة معصوم عنكبائر الإثم وصغائره بل يجوز عليهم الذنوب في الجملة ولهم من السوابق ومنالفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر منهم إن صدر حتى أنه يغفر لهم من السيئاتما لا يغفر لمن بعدهم لأن لهم من الحسنات التي تمحو السيئات ما ليس لمنبعدهم وقد ثبت بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم خير القرون وإنالمد من أحدهم إذا تصدق به كان أفضل من جبل أحد ذهبا ممن بعدهم ثم إذا كانقد صدر من أحدهم ذنب فيكون قد تاب منه أو أتى بحسنات تمحوه أو غفر له بفضلسابقته أو بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم الذي هم أحق الناس بشفاعته أوابتلي ببلاء في الدنيا كفَّر به عنه فإذا كان هذا في الذنوب المحققة فكيفالأمور التي كانوا فيها مجتهدين إن أصابوا فلهم أجران وإن أخطئوا فلهم أجرواحد والخطأ مغفور ثم إن القدر الذي ينكر من فعل بعضهم قليل نزر مغفور فيجنب فضائل القوم ومحاسنهم من الإيمان بالله ورسوله والجهاد في سبيلهوالهجرة والنصرة والعلم النافع والعمل الصالح ومن نظر في سيرة القوم بعلموبصيرة وما منَّ الله عليهم به من الفضائل علم يقينا أنهم خير الخلق بعدالأنبياء لا كان ولا يكون مثلهم وأنهم الصفوة من قرون هذه الأمة التي هيخير الأمم وأكرمها على الله". * وروى بإسناده عن أبي زرعة كلمات تكتب بماء الذهب حيث قال: "إذا رأيتالرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله فاعلم أنه زنديق، وذلك أن رسول اللهصلى الله عليه وسلم عندنا حق، والقرآن حق، وإنما أدى إلينا هذا القرآنوالسنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما يريدون أن يجرحواشهودنا، ليبطلوا الكتاب والسنة والجرح بهم أولى وهم زنادقة". هذه نماذج من أقوال علماء أهل الحديث فيما يجب اعتقاده في حق خيار الخلقبعد الأنبياء والمرسلين صلوات الله عليهم وسلامه ورضي الله عن الصحابةأجمعين. ومما ينبغي التفطن له أن القدح في هؤلاء الصفوة المختارة رضي اللهعنهم قدح في الدين لأنه لم يصل إلى من بعدهم إلا بواسطتهم ويؤكد ذلك كلامأبي زرعة - رحمه الله - حين يقول: "وإنما أدَّى إلينا هذا القرآن والسننأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما يريدون أن يجرحوا شهودناليبطلوا الكتاب والسنة والجرح بهم أولى وهم زنادقة" والطعن في الصحابةرضوان الله عليهم، إنما هو طعن في الإسلام، لأنهم نَقَلةُ هذا الدينإلينا، وشهوده عندنا، ولم يتلقه غيرهم، وهم مصدر معرفتنا بالدين وكتابهوسنته وسائر أحكامه والقدح فيهم لا ولن يضرهم شيئا بل يفيدهم كما في حديثالمفلس ولا يضر القادح إلا نفسه فمن وجد في قلبه محبة لهم وسلامة من الغللهم وصان لسانه عن التعرض لهم إلا بخير فليحمد الله على هذه النعمة وليسألالله الثبات على هذا الهدى ومن كان في قلبه غلٌّ لهم وأطلق لسانه بذكرهمبما لا يليق بهم فليتق الله في نفسه وليقلع عن هذه الجرائم وليتب إلى اللهما دام باب التوبة مفتوحا أمامه قبل أن يندم حيث لا ينفعه الندم. ربنا لاتزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ربنا اغفرلنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنواربنا إنك رؤوف رحيم. لماذا يكره الشيعة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. إن المسلم ليصاب بالدهشة كلما ظهر له كراهية الشيعة لأصحاب النبي صلى اللهعليه وسلم، خاصة وهو يؤمن بعدالتهم رضوان الله عليهم، وتكفي الآياتالمباركات التي تصرح برضوان الله على من بايع النبي صلى الله عليه وسلمتحت الشجرة، ومن المعلوم أن عددهم يومئذ قد بين 1400 و 1600 صحابي حسبالروايت الصحيحة ، ومكانة أهل بدر في السماء بين الملائكة، قد بشر بهاجبريل عليه السلام، حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم سامح ابن أبي بلتعةعندما أرسل رسالة لمشركي قريش يحذرهم فيها من خروج النبي صلى الله عليهوسلم لهم، وقال قولته المشهورة: لعل الله اطلع على أهل بدر وقال: افعلواما شئتم فقد غفرت لكم. فما الذي جعل الشيعة تحيد عن جادة الطريق، بل وتنحدر في هوية سب الصحابة،تلك الهوية الموصلة إلى قعر جهنم، ورغم تحذير النبي صلى الله عليه وسلم منمغبة سب الصحابة، إلا أن الفكر الشيعي يقوم على فكرة معاداة الصحابة، كماسنتبين ذلك جليا فيما يلي، والمدخل الوحيد لفهم سبب هذه العداوة لا يمكنالوصول إليه إلا بعد أن عرض ركائز الفكر الشيعي التي وضعت على أصولهاعقائد القوم، ولا يتعجل القارئ الحكم على ما سنقدمه من طرح للفكر الشيعي،فللقصة جوانبها المتعددة، والتي لا مناص من طرحها مختصرة ومن أراد المزيدمن البيان فليرجع إلى إسهامات دعوية، ويطلع على الباب السابع من كتاب جذورالشيعة وجيش المهدي، ترتكز عقيدة الشيعة بالقول بحتمية الوصاية والإمامة بعد النبوة، وأنهامنصب يختاره الحق تبارك وتعالى، وأبلغ به النبي، وأخذ المواثيق على كلالصحابة بتولية علي يوم غدير خم، وأن الصحابة تآمروا على غصب خلافة علي،في اتفاق سري بين أبي بكر وعمر، ينص على يبايع عمر أبا بكر على خلافةالنبي صلى الله عليه وسلم، في مقابل أن ينصب عمر وليا لعهده، وبعد أنغصبوا حق علي حرفوا القرآن الكريم وكفروا وارتدوا، فلابد وهذا هو الحالعندهم أن ينقموا على الصحابةويكرهونهم، وما ذلك إلا للنفاق المورق فيقلوبهم. | |
|